1- من مقاصد الصوم تحصيل التقوى لتزكية النفس؛ قال تعالى {لعلكم تتقون} فإن النفس إذا شبعت تاقت إلى المعاصي وتشوفت إلى المخالفات، وإذا جاعت ظمئت إلى الطاعات، ولذا كان بعض السلف يكثر من الصيام فلما قيل له في ذلك قال: (لأن يطلع الله على نفسي وهي تنازعني إلى الطعام والشراب أحب إلى من أن يطلع عليها وهي تنازعني إلى معصيته إذا شبعت) وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة وحيمتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها
2- سد مسالك الشيطان لكسر الشهوات؛ لأن الجوع والعطش يكسران شهوة المعاصي؛ إذ المعاصي والكبائر أخطرها وأفسدها على الفرد والمجتمع ما كان متعلقاً بشهوتي البطن والفرج، ولذلك لما حرم ربنا علينا أنواعاً من المكاسب ذكر الأكل ابتداء {لا تأكلوا الربا} {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} لأن الأكل هو أول وجوه الانتفاع، ثم إن الغريزة الجنسية من أخطر أسلحة الشيطان في إغواء الشيطان؛ قال ابن العربي في قوله تعالى {لعلكم تتقون} (لعلكم تضعفون فتتقون؛ فإنه كلما قلَّ الأكل ضعفت الشهوة، وكلما ضعفت الشهوة قلَّت المعاصي)
3- توفير الطاعات ومضاعفة المثوبات؛ وذلك في تكثير الصدقات، وقيام الليل، وتفطير الصائمين، والتماس ليلة القدر، والإكثار من تلاوة القرآن، كل ذلك من أجل الوصول إلى باب الريان الذي يدخل منه الصائمون
4- تبيين مظاهر التيسير لشكر الرؤوف الرحيم، وذلك في التخفيف عن أصحاب الأعذار من شيخ كبير أو امرأة عجوز أو مريض زمن، وتأخير الفريضة عن المريض والمسافر والحامل والمرضع {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}
الخطبة الثانية
1- لا زالت عصابة الانقلاب تمارس إجرامها المنظم في مصر الكنانة فتحكم هذا الأسبوع على ثلة من خيرة رجالات مصر بالإعدام لبعضهم والسجن المشدد على بعض آخرين؛ تحت تهم زائفة ملفقة، ومن قضاء مسيس لا تتوافر فيه أدنى درجات العدالة، واستناداً على فتوى ممن باعوا دينهم بدنيا غيرهم، ولم يرقبوا في مؤمن إلا ولا ذمة، وهم في ذلك لا يستحون من الله ولا من الناس، والغرب المنافق يكتفي بالبيانات الجوفاء المعبرة عن القلق والله يعلم أنهم عن ذلك راضون وبه مستبشرون بل هم المتآمرون مع هذه الثلة الخائنة المارقة التي باعت الأوطان ووالت أعداء الله عز وجل.
2- وإخوانكم في اليمن يستصرخونكم لمد يد العون لهم بعدما جار عليهم الزمان ودارت رحى الحرب في بلادهم؛ فشردوا من ديارهم وضاقت عليهم أرزاقهم وصاروا بحاجة إلى الإغاثة بعدما مكثوا حيناً من الدهر وأيديهم هي العليا، وقد عهد عنهم الشهامة والمروءة والوقوف مع ضعفاء المسلمين في كل مكان