1ـ نهاية العام تذكّر المسلم بتصرُّم أيام العمر من بين يديه، وأنه عما قريب يختم على عمله، وينتقل إلى دار الحساب والجزاء، ونصوص الشريعة جاءت آمرة باغتنام الأوقات في طاعة رب الأرض والسموات؛ لأن كل إنسان سيسأل عن عمره ووقته فيما أفناه:
- {وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب}
- {وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير؟} قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ والمحققون: معناه: أولم نعمركم ستين سنة، ويؤيده الحديث الذي سنذكره إن شاء الله تعالى. وقيل معناه: ثماني عشرة سنة. وقيل: أربعين سنة. قاله الحسن والكلبي ومسروق، ونُقل عن ابن عباس أيضا، ونقلوا أن أهل المدينة كانوا إذا بلغ أحدهم أربعين سنة تفرغ للعبادة. وقيل هو: البلوغ. وقوله تعالى {وجاءكم النذير} قال ابن عباس والجمهور: هو النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: الشيب. قاله عكرمة وابن عيينة وغيرهما، والله أعلم
- {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}
- لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه
- اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك
- بادروا بالأعمال سبعاً؛ هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنىً مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر.
- بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً
- ما منكم من أحد إلا ويندم عند موته؛ إن كان مسيئاً على أنه لم يستعتب وإن كان محسناً على أنه لم يزدد
2ـ أفضل ما يستقبل به المسلم عامه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، وأن يعاهد ربه على التزود من الطاعات والاستكثار من الصالحات، وأن يغتنم ما بقي من عمره ـ ولا يدري أحد ما هو ـ في خير ما يحضره من عمل {إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}
3ـ إن ناساً يعمدون إلى قتل أوقاتهم بسفاسف الأمور من لهو ولعب، ولا يقدِّرون الأمور حق قدرها، ويحسبون أنهم إن أدوا صلواتهم، فهم أحرار في التصرف فيما بقي من أوقاتهم، ولا يدري هؤلاء أنه ما من يوم يصبح إلا وهو ينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود.
4ـ بين أيدينا شهر مبارك فاضل من الأشهر الحرم الفاضلة التي هي عند الله بميزان عظيم، وقد ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال {أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم} رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه فأكثروا من الصيام والقيام في شهر الله المحرم، وتقرَّبوا إلى الله تعالى بكل ما تستطيعون من عمل صالح
5ـ حملت إلينا أخبار الأسبوع الذي مضى ما كان من تعمد أعداء الله الصليبيين في الدانمرك الإساءة إلى دين المسلمين برسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم في صور مقززة وأوضاع مشينة، والتهكم على شعائر الإسلام من صلاة وجهاد وغير ذلك، وكيف وصل الهوان بأمة الإسلام أن يمتنع رئيس وزراء تلك البلد من استقبال سفراء الدول الإسلامية المعتمدين لديه؛ حين علم بأنهم يريدون تقديم احتجاج على ما كان من تلك الصحيفة، ولو علم ذلك الرجل أن الدول الإسلامية قد تتخذ موقفاً أو تتبنى قراراً لسعى في مقابلة السفراء لا أن يرفض مجرد لقائهم والاستماع إليهم.
وإن الواجب الشرعي ليحتم على قادة المسلمين أن يقطعوا علاقاتهم ـ دبلوماسية واقتصادية ـ مع تلك البلد؛ غضباً لنبيهم صلى الله عليه وسلم وسعياً لإحقاق الحق وإبطال الباطل، أما لو سكتوا كما هي العادة فسيتجرأ كل مأفون على الطعن في مقدساتنا والتهكم على حرماتنا.
وقد حملت إلينا أنباء الأمس كذلك ما كان في أرض الإسراء من فوز مقدَّر لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، وذلك في اختيار حر وانتخابات نزيهة؛ دلالة على أن الناس لو خُيِّروا فلن يختاروا إلا من يظنون فيهم أنهم يحققون آمالهم في تطبيق الإسلام وتنزيله على أرض الواقع، وإن تعجب فعجب أمر المجتمع الدولي الذي يتشدق بالديمقراطية ويدعو إليها ويدعي الحرص عليها؛ فإذا ما أنتجت هذه الديمقراطية مولوداً إسلامياً {تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر} وما يلبثون إلا يسيراً حتى يتنكروا لما دعوا له ويطلقون الكلمات بالويل والثبور.