خطب الجمعة

لا نفرق بين أحد من رسله

خطبة يوم الجمعة 8/1/1431 الموافق 25/12/2009

  1. من أصول الإيمان عندنا ـ معشر المسلمين ـ أننا نؤمن برسل الله جميعاً )لا نفرق بين أحد من رسله( وفي القرآن خطاب لخير البشر صلى الله عليه وسلم )قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق ببين أحد منهم ونحن له مسلمون( بل إن ديننا يُعَدُّ التفريق بين الرسل كفراً أكبر؛ كما في آيات سورة النساء، ومن هنا كان احتفاؤنا بأنبياء الله عليهم السلام سواء، وتوقيرهم سواء، مع الاقتداء بهم )أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده( وأخذ العبرة من قصصهم )لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون(
  2. ومن أنبياء الله أولي العزم الذين أثنى عليهم ربنا في القرآن موسى عليه السلام فقال تعالى )واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصاً وكان رسولاً نبيا + وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا + ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا( وفي موضع آخر )ولقد مننا على موسى وهارون + ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم + ونصرناهم فكانوا هم الغالبين + وآتيناهما الكتاب المستبين + وهديناهما الصراط المستقيم + وتركنا عليهما في الآخرين + سلام على موسى وهارون + إنا كذلك نجزي المحسنين + إنهما من عبادنا المؤمنين( وفي موضع ثالث )يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين(
  3. وقد أبدأ القرآن وأعاد في ذكر قصة موسى عليه السلام في مواضع متعددة من كتاب ربنا العزيز؛ حتى إنه ما من نبي من الأنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم ذكر في القرآن كما ذكر موسى عليه السلام في ثلاث وعشرين سورة من القرآن؛ لما في قصته من عبر وعظات حري بالعاقل أن يتأملها ويقف عندها، ومن تلك العبر والعظات:
  • أن الابتلاء الذي يصاب به الإنسان في الدنيا ينبغي أن يقابل بالرضا؛ فقد يكون الخير العظيم في هذا الابتلاء، فهذا موسى عليه السلام خرج خائفاً من آل فرعون متبعاً نصيحة ذلك الرجل الذي جاءه من أقصى المدينة ناصحاً له بالابتعاد عن مصر؛ لأن الملأ يأتمرون به؛ فخرج من مصر وكان الخير كله في هجرته؛ حيث أبدله الله أهلاً بأهل وجيراناً بجيران، واصطفاه الله على الناس برسالته وبكلامه، وجعله سبباً في إنقاذ قومه من فرعون وجبروته
  • أن المتوكل على الله المعتمد عليه في أموره يقيِّض الله تعالى من ينقذه ويهيئ له من أمره يسراً؛ كما قيض ذلك الرجل لموسى فكان سبب نجاته أولاً
  • أن الشخص المستمسك بالحق لا يبالي بمن خالفه ولو كان عظيماً، فهذا موسى يجيب فرعون حين يتهمه )إني لأظنك يا موسى مسحورا( يقول له موسى )لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا( بعد أن حاسنه ولاطفه؛ فلما لم يفد أخشن له القول
  • أن الحق لا يعدم نصيرا؛ ذلك موسى جاء إلى فرعون لينزله عن عرش الربوبية ويدعوه إلى عباده الله فاعتزم قتله وآمر قومه؛ فقام رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه ينافح عن موسى ويدافع عنه ويحذر فرعون وقومه من البطش به
  • أن لذة الإيمان إذا تذوقها الإنسان ملكت عليه مشاعره، واستهان في سبيلها بكل عقاب؛ لذلك آمن السحرة بموسى وإلهه غير مبالين بفرعون وما أعد لهم من العذاب
  • أن الصبر على البلوى حميد العاقبة؛ فهؤلاء بنو إسرائيل صبروا على الإهانة والذل والتسخير وتقتيل الأبناء واستحياء النساء إلى أن أعقبهم الله الحسنى
  1. في فضل صيام يوم عاشوراء روى البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّا اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ} وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم عاشوراء؛ لما له من المكانة، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ” رواه البخاري
  2. وأخبر عليه الصلاة والسلام بما فيه من الفضل العظيم؛ وأن صيامه يكفِّر السنة الماضية فقال {صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ} رواه مسلم. ويستحب صيام تاسوعاء مع عاشوراء لما روى عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع} قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم
  3. والصوم مرغَّب فيه بعامة فإنه من أفضل القربات وخير الطاعات؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا بَاعَدَ اللَّهُ، بِذَلِكَ الْيَوْمِ، وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا} رواه مسلم
    وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا، كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَاْلأرْضِ} رواه الترمذي وهو صحيح. وعنه رضي الله عنه أيضا، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مُرْنِي بِعَمَلٍ. قَالَ: {عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ َلا عَدْلَ لَهُ} قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مُرْنِي بِعَمَلٍ. قَالَ: {عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ َلا عِدْلَ لَهُ}رواه النسائي وهو صحيح. ودعاء الصائم مقبول كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين} رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى