1ـ ضرر الذنوب والمعاصي في القلوب كضرر السموم في الأبدان، ومن أضرارها: حرمان العلم النافع، حرمان الرزق الواسع، الوحشة في القلب، تعسير أموره عليه، حصول ظلمة القلب، ووهن البدن، وحرمان الطاعة ومحق البركة
2ـ ينبغي للعاقل أن يحذر من مغالطة نفسه بالتسويف والاتكال على عفو الله تعالى، بفعل المندوبات والاحتجاج بالقدر والاقتداء بالأكابر
3ـ العفو عن الذنوب وتكفير السيئات بنحو من عشرة أسباب وهي على ثلاثة أقسام:
– القسم الأول: أسباب يفعلها العبد، وهي ثلاثة:
- التوبة؛ فأعظم الأسباب التي يفعلها العبد لمحو السيئات عنه التوبة، فمن فَعَلَ سيئة مهما كانت حتى الكفر والشرك فإنَّ الله عز وجل يمحو أثره بالتوبة إليه، قال عز وجل بعد أن ذَكَرَ أصناف الكبائر في سورة الفرقان {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا + وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} وقال عز وجل {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}، أَجْمَعَ العلماء على أنَّ هذه الآية نزلت في التائبين {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} يعني لمن تاب
- الاستغفار؛ والاستغفار هو طلب المغفرة. والمغفرة معناها سَتْرُ أثر الذنب؛ لأنَّ الذنب إذا وَقَعَ من العبد فلابد أن يوجد أثر ذلك الذنب، وهو إما أن يكون العقوبة عليه؛ – يعني أن يُعَاقَبَ العبد على ذنبه في الدنيا أو في القبر أو في الآخرة -، وإما أن تَقَعْ عليه مصيبة يُكَفِّرُ الله بها ذنبه، وإما أن يُخْزَى بذنبه {لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} والعياذ بالله -اللهم إنا نعوذ بك من خزي الدنيا ومن عذاب الآخرة-، الخزي يقع بسبب الذنوب. فالذنب إذا وقع من العبد فله أثره الكوني وأثره الشرعي الذي يحصل ولا بد؛ إلا إنْ عَفَا الله عز وجل مِنَّةً مِنْهُ وتكرماً. إذا استغفر العبد، طَلَبَ غَفْرَ الذنب، طَلَبَ أن يُسْتَرَ هذا الذنب، فلا يُخْزَى به وأن يُسْتَرَ أثر الذنب فلا يؤاخذ به. وهذا قرين التوبة، لهذا جاء في عدة آيات اقتران التوبة والاستغفار؛ لأنَّ الاستغفار مثل التوبة في الأمْرِ بها والحث والحض عليها، قال عز وجل {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} وقال عز وجل {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ + أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ + وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} الاستغفار صار قبل التوبة من جهة أنَّهُ طَلَبْ مباشرة، طَلَبْ أن يُمْحَى أثر الذنب؛ لأنَّ أثر الذنب لو أخَّرْتَ طلب المغفرة فقد يقع الأثر سريعاً. {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} يعني أنَّ التوبة تكون بعد الاستغفار من الذنب، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم كان يُقَدِّمْ طلب المغفرة على طلب التوبة فقال «ربي اغفر لي وتُبْ علي»، «أستغفر الله وأتوب إليه» التوبة والاستغفار نظر فيها بعض العلماء وذكرها الشارح عندكم تبعاً لابن تيمية من أنَّ التوبة والاستغفار من الألفاظ التي إذا اجتمعت تفرقت وإذا تفرقت اجتمعت.
- الحسنات الماحية؛ قال الله عز وجل {وَأَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}، وقال صلى الله عليه وسلم (وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) فالحسنة تمحو السيئة، فَفِعْلُ الحسنات يمحو الله عز وجل به السيئات. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا، ويزيد به في الحسنات؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة) رواه البزار والحاكم
– القسم الثاني: أسباب من المؤمنين للواحد منهم
- الاستغفار والدعاء للمؤمنين؛ وهذا ينفع، الاستغفار والدعاء نافع سواء أكان من الملائكة أم من المؤمنين من الجن والإنس. والملائكة يستغفرون ويدعون للمؤمنين كما قال عز وجل {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} إلى آخره هذا دعاء للملائكة. وكذلك دعاء المؤمن للمؤمن في خارج الصلاة أو في الصلاة هذا نافع له وهو من الأسباب التي يُكَفِّرُ الله عز وجل بها خطايا المؤمن، فتدعو لإخوانك المؤمنين، تدعو لفلان المعين المذنب هذا يمحو الله عز وجل به السيئات.
- إهداء القُرَبْ وعَمَلُ العبادات عن المؤمن؛ وهذه تشمل الصدقة عن الغير، أو عمل العمل الصالح وإهداء ثوابه للغير، أو أن يعمل العبادة التي تَدْخُلُهَا النِّيَابَةْ مما جاء في السنة، ويجعلها لغيره مثل: الصيام والحج والصدقة ونحو ذلك، هذه يأتي مزيد تفصيل الكلام عليها عند قول الطحاوي (وفي دُعَاءِ الأَحْياءِ وَصَدَقَاتِهم مَنْفَعَةٌ لِلأَمْوَات)
- النوع الثالث الشفاعة إما في الدنيا أو في الآخرة: فشفاعة المؤمن لإخوانه المؤمنين نافعةٌ له، وأصل صلاة الجنازة لأجل دعاء المؤمن والشفاعة له، ولهذا جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال «ما من مسلمٍ يصلي عليه أربعون من أهل الإيمان إلا شفَّعَهُمْ الله فيه» وفي لفظ آخر قال «كلهم يشفعون له إلا شفّعهم الله فيه» والشفاعة تحصل في الدنيا بالدعاء وتحصل أيضاً في الآخرة، فشفاعة الأب لأبنائه والابن لوالده ونحو ذلك والعالم لأحبابه وأهل القرابة لقراباتهم أو للمؤمنين، ومن ذلك؛ بل أعظم شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لطوائف من أمته.
– القسم الثالث: أسباب من الله عز وجل ابتداءً منه.
- مغفرة الله عز وجل لعبده ابتداءً مِنَّةً منه وتكرّما: وهو أعظم الأنواع وأجَلُّهَا، فالله عز وجل مَنَّ على عبد بالإسلام وبالإيمان، فقد يَمُنُّ عليه بمغفرة الآثام ابتداءً، وهذا خلْقُ الله عز وجل هو سبحانه يثيب من يشاء، ويغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء
- المصائب التي تحصل للعبد في الدنيا:
- المصائب المكفرة
- عذاب القبر
- دعاء المؤمنين
- ما يهدى إليه من الأعمال
- أهوال القيامة
- الاقتصاص
- الشفاعة