مسافة المرور بين يدي المصلي
ما المسافة التي تفصل أمام الصلاة من المكان لغير المصلي (المكان أمام الصلاة)؟ وحكم وضع الأداة التي تفصل ذلك.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فقد وردت الأحاديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم بمنع المرور بين يدي المصلي؛ ففي الصحيحين {لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه} وقد فسر (الأربعين) بأنها: أربعين سنة
وعلى المصلي – إن كان منفرداً أو مأموما – أن يتخذ سترة تمنع المرور بين يديه؛ كأن يصلي إلى عمود أو مقعد أو حائط أو يطرح عصا ونحو ذلك؛ ؛وإن كان في أرض ولم يجد سترة خط خطًّا لقوله صلى الله عليه وسلم {إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها} أخرجه أبو داود عن أبي سعيد رضي الله عنه بإسناد صحيح، وقوله عليه الصلاة والسلام {إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن فليخط خطا ثم لا يضره من مر بين يديه} أخرجه أحمد وابن ماجه وابن حبان، وقال ابن حجر في بلوغ المرام: ولم يصب من زعم أنه مضطرب، بل هو حسن.ا.هـــــ
أما المأموم فسترة الإمام سترة له؛ قال البخاري رحمه الله: باب سترة الإمام سترة لمن خلفه. وعن ابن عباس قال : أقبلت راكبا على حمار أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي. أخرجه البخاري ومسلم.
وقد حدد العلماء ارتفاع السترة بنحو ذراع؛ وهو ما يعادل 261 سم، وذلك على سبيل التقريب تفسيراً لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طلحة رضي الله عنه {إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر وراء ذلك} أخرجه مسلم.
وآخرة الرحل تختلف في الطول والقصر، فتارة تكون ذراعا، وتارة تكون أقل منه، ويجوز أن تكون السترة دقيقة كالسهم والحربة، وغليظة كالحائط، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستتر بالعنزة، والعنزة عصا أقصر من الرمح لها سنان.
وإذا لم يتخذ المصلي سترة فليس له إلا موضع سجوده، أي لا يجوز المرور في المسافة التي بين رجليه وموضع سجوده؛ ويجوز لمن أراد أن يجتاز أن يمر فيما يلي موضع سجوده، وذلك لأن النهي الوارد في الحديث إنما هو في المرور بين يدي المصلي، وما يلي موضع سجوده ليس بين يديه، ولأنه لا يستحق أكثر مما يحتاج إليه في صلاته؛ فليس له الحق أن يمنع الناس مما لا يحتاجه كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع. والله تعالى أعلم.