المعاملات المالية

هل هذه رشوة؟

فضيلة الدكتور عبد الحي..

السلام عليكم ورحمة الله، وحمداً لله تعالى على سلامتكم..

لديَّ سؤال بارك الله فيكم:

هنا في البلد المسلم العربي الذي أعيش فيه شركة عقارية كبيرة ميزتها الحسنة هي أن ثمن استئجار عقارها ثابت لفترة طويلة، ليس كباقي العقارات الأخرى والتي تزيد قيمة إيجاراتها من فترة إلى أخرى، لكن هذه الميزة استغلها بعض العاملين فيها للمصلحة الخاصة، وهي حجز أي عقار خالي لمستأجر جديد بدفع مبلغ زيادة خارج نطاق العقد. ولكن لا أدري إن كان كل المسئولين يعلمون بهذا الأمر أم لا. هل يأثم المستأجر الذي يدفع ذلك المبلغ الزائد حتى إذا اضطر إلى ذلك لعدم قدرته على الاستئجار من مكان آخر؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

فهذا المبلغ المدفوع خارج العقد لذلك الموظف رشوة يأكلها صاحبها سحتاً، ولا يجوز لك دفعها إلا إذا كنت مضطراً لذلك المسكن؛ ولا يخفى عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم “لعن الله الراشي والمرتشي والرائش” وقد أفتى بعض أهل العلم بأن المضطر إلى الشيء يدفع الرشوة ويكون الإثم على الآخذ وحده؛ كما قال ذلك الإمام أبو سليمان الخطابي وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما من أهل العلم، وذلك فيما لو تعينت الرشوة سبيلاً وحيداً لنيل الحق أو دفع الظلم؛ وقد ذكروا أن ابن مسعود رضي الله عنه حين كان بالحبشة قد دفع ديناراً ليخلى سبيله بعدما تعرض له بعض الظلمة. قال الإمام الخطابي رحمه الله في شرح قوله عليه الصلاة والسلام {لعن الله الراشي والمرتشي}: وإنما يلحقهما العقوبة معاً إذا استويا في القصد والإرادة؛ فرشا المعطي لينال به باطلاً ويتوصل به إلى ظلم، فأما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو يدفع عن نفسه ظلماً فإنه غير داخل في هذا الوعيد. وروي أن ابن مسعود أخذ في شيء وهو بأرض الحبشة فأعطى دينارين حتى خُلي سبيله. وروي عن الحسن والشعبي وجابر بن زيد وعطاء أنهم قالوا لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم. وكذلك الآخذ إنما يستحق الوعيد إذا كان ما يأخذه، أما على حق يلزمه أداؤه فلا يفعل ذلك حتى يُرشا أو عمل باطل يجب عليه تركه فلا يتركه حتى يصانع ويرشا.ا.هــــــــــ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى