حفر بئر من مال الزكاة
هل يجوز إنفاق شيء من مال الزكاة في حفر بئر لشرب الناس؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد
فإن الله تعالى قد حدد مصارف الزكاة في ثمانية أجزاء بيَّنها في سورة التوبة حين قال {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} والآية قد افتتحت بأداة الحصر {إنما} وقد روى أبو داود عن زياد بن الحارث الصدائي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته -وذكر حديثًا طويلا- فأتاه رجل فقال: أعطني من الصدقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقة، حتى حكم هو فيها، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك)
وعليه فإن الواجب إخراج الزكاة في هذه الأصناف التي حددتها الآية، أو في بعضهم، وما ينبغي تجاوزها إلى غيرها، ولذلك لا يجوز الإنفاق من الزكاة في حفر بئر؛ وهذا الذي قرره فقهاء المذاهب رحمهم الله تعالى.
قال الموفَّق ابن قدامة رحمه الله تعالى في كتابه (المغني): ولا يجوز صرف الزكاة إلى غير من ذَكَرَ الله تعالى، من بناء المساجد والقناطر والسقايات، وإصلاح الطرقات وسد البثوق، وتكفين الموتى والتوسعة على الأضياف وأشباه ذلك من القُرَب التي لم يذكرها الله تعالى. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل بن إسحاق المالكي: ولا يجوز صرف شيء من الصدقات في غير الوجوه المبينة من عمارة المساجد أو بناء القناطر، أو تكفين الموتى، أو فك الأسارى أو غير ذلك من المصالح. انتهى.
وفي البناية شرح الهداية في الفقه الحنفي عند قول المؤلف: ولا يبني بها مسجد ولا يكفن بها ميت لانعدام التمليك. وكذا لا تبنى بها القناطر والسقايات، ولا يُحفر بها الآبار، ولا تصرف في إصلاح الطرقات وسد الثغور والحج والجهاد ونحو ذلك مما لا يملك فيه. انتهى.
بل الواجب تمليك المال للفقير أو المسكين ثم بعد ذلك هو أدرى بحاجته، والله تعالى أعلم.