سب الدين للجمادات
فضيلة الشيخ: نحن نعمل في أحد المرافق الصحية فطلب أحد الزملاء من أحد العمال شيئاً من المعدات الطبية مثل منظار مثلا؛ فعندما تأخر ذلك المنظار قام هذا الزميل بسب الدين للمنظار!! فما كان من العامل إﻻ أن رفع شكوى ﻹدارتنا بأن فلاناً سب الدين وهو بعبارته خارج من دين محمد صلى الله عليه وسـلم؛ فقام المدير الطبي للمرفق الصحي بوقف زميلنا ذلك في الحال غيرة على الدين وخوفاً من تفشي هذا الخلق بين أفراد المؤسسة..
قام الرئيس المباشر لزميلنا بالاحتجاج علي التوقيف بقوله: إنه سب الدين لجماد وليس للعامل.. وقام هو بنفسه بسب الدين للموبايل الذي بيده والطبلة التي بالباب مستدﻻً على أن هذا أمر طبيعي وليس فيه تجاوز على الفرد أو الدين لأن الجمادات ليس عندها دين.. وأردف قائلا: (حتى لو سب الدين عدييل إنتو الدين حقكم إنتو مالكم ومال الدين لو سب واحد فيكم بعد داك ازعلو)..
فضيلة الشيخ: ما حكم ما فعله زميلنا؟ وما حكم ما احتج به رئيسه المباشر في دفاعه؟ أفتونا مأجورين.. والله المستعان.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالمسلم حقاً عَفُّ اللسان؛ ليس بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء، والمسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده؛ وهذا الذي يسب الدين إنما ينادي على نفسه بنقص الإيمان وقلة الخوف من الله، وليس صحيحاً ما قاله رئيسه المباشرُ المكابرُ المتعاونُ مع مرؤوسه على الإثم والعدوان من أن الجمادات لا دين لها، بل إنه – بهذا القول – ينادي على نفسه بالجهل؛ لأن الله تعالى ذكر عن هذه الجمادات أنها مسبِّحة بحمده فقال جل جلالـه {تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} وقال سبحانه {ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس} وقال سبحانه {والنجم والشجر يسجدان} وقال سبحانه {وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يهبط من خشية الله} وقال {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله} فما بال صاحبكم يقول ما لا يعلم ويهرف بما لا يعرف، ويبرر لذلك الأثيم ما وقع فيه من الشر العظيم؟
إن واجباً على الرجلين كليهما أن يتوبا إلى الله تعالى مما قالا، وظني أن الثاني أعظم إثماً من الأول؛ لأنه مناصر لصاحبه بالباطل؛ وقد أخذته العزة بالإثم؛ ثم إن قوله: الدين حقكم!! دليل مرض قلب والعياذ بالله، كأنه يقول: إذا سب شخص أباك وأمك جازت لك الشكوى؛ أما إذا سب دين الله فالدين ليس ملكاً لأحد، وبذلك يفتح باباً للطعن في الدين وسبه بالليل والنهار، نعوذ الله من الهوى، ونسأله السلامة والعافية