أحكام الزواج والطلاق ومعاشرة الأزواج

خلافات بين زوجي وأهلي

السلام عليكم يا شيخ عبد الحي يوسف وجزاك الله عنا كل خير.

تزوجت منذ 3 سنوات، ولديَّ طفل بلغ العامين، وزوجي كثير السفر بسبب عمله، في السنة الأخيرة حدثت الكثير من المشاكل بيني وبين زوجي؛ بدايتها أني كنت قد بعت خاتم ذهب أملكه لكي أعطي ثمنه لأهلي لحاجتهم في تلك الفترة، وعندما أخبرته بذلك أخرجني من بيتي أنا وابني مدة 4 أشهر وتركنا عند أهله، وعندما أرجعنا البيت كان لا يزال يخاصمني رغم محاولاتي العديدة للصلح طوال تلك الفترة، وأصبح يخرجنا من المنزل في كل مرة يسافر فيها ويقول لي: لا أريد أهلك أن يتواجدوا في بيتي؛ علماً بأن بيت أهله غير شرعي بسبب وجود إخوته من أبيه وكثرة الضيوف، فأصبحت لا أجد راحتي ولا أستطيع الأكل حتى مرضت، وأصبح يهددني بالطلاق لأبسط الأشياء أو يقول لي: سأقتلك وأقتل الولد، قبل 3 أشهر حدثت مشكلة أثناء تواجدنا في بيت أهله بسبب إزعاج الأطفال (طفلي وطفل أخيه) وكنت مريضة لا أستطيع ملازمة صغيري؛ فقالت لنا أخته الكبرى (كل واحد يمسك ولده) وعندما جاء أخبرته بأني لا أرغب في المزيد من المشاكل وأفضل التواجد في بيتي عند سفره خاصة وإني حامل ومريضة وأحتاج رعاية؛ فرفض وأجبرني على التواجد في منزلهم، فوافقت حتى لا أخلق مشكلة وقلت له: بأني سأقضي الفترات التي يسافر فيها في بيتهم ولكن لا يسألني عن أي كلام أوصلته له أخته (قوالات) عني؛ لأنه لا يسمعني ويتشاجر معي باعتبار أن كلامها لابد وأن يكون صحيحاً فقال لي (أقفلي خشمك وإلا أطلقك) فقلت له: طلِّقني؛ فطلَّقني وسافر مدة أسبوعين، لم أخرج من منزل أهله خلال تلك الفترة، وفي اليوم الذي يسبق عودته أخبرت والدي عن كل هذه المشاكل علماً بان أهلي لم يكونوا يعلمون عني أي شيء طوال تلك الفترة تجنباً للمشاكل، حضر أبي إلى منزلهم يوم عودته ليتفاهم معه؛ فقال له (بنتك سوقها لكن ولدي ما يطلع معاها) وخرج من المنزل، انتظرناه من قبل صلاة الظهر حتى بعد صلاة العشاء ولم يحضر؛ فذهبت مع والدي إلى بيت أهلي، بعد 3 أسابيع جاء إلى بيت أهلي ووقف في الشارع يطرق الباب عالياً جداً، ووقف يصرخ بأعلى صوته في والدي، وقال له: أريد أن أفضحكم في المنطقة!! وقال: أخرج لي ولدي وزوجتي، جاء الجيران وأبعدوه من المنزل، وبعدها أرسل لي رسالة على الموبايل يقول بأنه أخبر والدي أنه قد أرجعني وسوف يأتي غداً لأخذنا للمنزل ولم يأت حتى يومنا هذا.

أولا: هل أعتبر مذنبة بسبب بيع خاتمي علماً بأني خرجت من المنزل بإذنه وبعلمه أني ذاهبة إلى سوق الذهب؟

ثانياً: هل يجوز له إخراجي من بيتي كلما حدثت مشكلة بيني وبينه؟

ثالثا: هل أعتبر ناشزاً بسبب وجودي في بيت أهلي كل هذه الفترة أي منذ أن أرسل لي رسالة يقول أنه أرجعني؟

رابعا: هو يقول: الله لن يحاسبه على أنه لا يريد التعامل مع أهلي ولا حتى رؤيتهم ولن يأتي لحل المشكلة فهل أعتبر آثمة إن طلبت منه الطلاق؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

فالواجب على الزوجين أن يتعاشرا بالمعروف، وأن يحسن كل منهما لصاحبه ما استطاع إلى ذلك سبيلا؛ قال تعالى ((ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة)) ومتى ما فقد المعروف بينهما فقد صارت الحياة جحيماً؛ لأن الله تعالى جعل المودة والرحمة هي قوام الحياة الزوجية السليمة، وواضح من سياق الأسئلة المطروحة أنه لا مودة ولا رحمة، وجواباً على أسئلتك أقول:

أولاً: إذا كان الخاتم الذي حصل بيعه ملكاً لك فما ينبغي للزوج أن يعترض على ذلك؛ لأن للزوجة ذمة مالية مستقلة، وهي حرة في أن تتصرف في مالها بكل أنواع التصرفات المشروعة من بيع وإجارة وهبة وغير ذلك؛ أما إذا كان ملكاً للزوج وقد اشتراه لك لتتزيني له به فما كان ينبغي لك بيعه إلا بعد استئذانه؛ لأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.

ثانياً: المشاكل بين الزوجين شيء طبيعي؛ فإن الحياة الزوجية لا تخلو من منغصات واختلافات، ولا يمكن بحال أن يكون الزوجان متفقين في كل شيء؛ لكن عليهما أن يتقيا الله حال حصول الخلاف، ولا يتمادى بهما الغضب ويستولي عليهما الشيطان بحيث يخرجهما عن حدود الشرع، وعلى الزوج أن يحاول حل المشكلات بالأسلوب الشرعي؛ ولا يعمد إلى إخراج زوجته من البيت كلما دب بينهما خلاف.

ثالثاً: النشوز هو ترفُّع الزوجة عن خدمة زوجها، وتأبيها على طاعة أمره، والامتناع عن تلبية طلبه إذا أرادها للفراش، هذا هو النشوز، والطلاق الذي حصل بينكما سبيله الطبيعي أن تحصل رجعة إذا أراد الزوج إصلاحاً، وعليه أن يأتي لاصطحابك إلى بيت الزوجية إن كان صادقاً في أنه قد أرجعك.

رابعاً: إذا تبيَّن أن الحياة الزوجية بينكما متعثرة فلا حرج عليكما في الفراق؛ لعل الله يهيئ لكما من أمركما رشدا؛ كما قال سبحانه ((وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته)) ولا حرج عليك في طلب الطلاق؛ فما شرعه الله إلا رحمة بعباده وكفاً للأذى عنهم

وأخيراً فإني أوصيكما بتقوى الله عز وجل، وألا يفتري أحدكما على الآخر كذباً، ولنوقن جميعاً بأن الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؛ ومن نجح في خداع البشر فبين يديه موقف عسير بين يدي الله تعالى، والسعيد من لقي ربه وهو طاهر اليد واللسان من دماء المسلمين وأعراضهم، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والله الموفق والمستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى