تأخير الصلاة
صيغة التشهد الصحيحة ما هي؟ نرجو توضيح سجود السهو القبلي والبعدي بالتفصيل؟ يغالبني دائما النعاس والكسل من القيام لصلاة الصبح رغم أنني كثيرا ما أسمع الأذان والإقامة فبماذا تنصحني؟ وما هي عقوبة تأخير الصلاة؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فقد روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ التَّحِيَّةُ فِي الصَّلَاةِ وَنُسَمِّي وَيُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ {قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ}
وأما السجود القبلي فيكون لِجَبْرِ نقصٍ من الصلاة، والسجود البعدي للزيادة فيها. وأما ما ذكرتَه من غَلَبَةِ الكسلِ وتأخُّرِك عن القيام لصلاة الصبح رغم سماعك الأذان والإقامة فأنصحك بتعجيلِ التوبة إلى الله جل جلاله؛ فإنَّ مِن صِفاتِ المنافِقِين: الكَسلَ والتثاقُلَ عن الصلاةِ، كما قال الله I )إنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً(، وقال جل جلاله )وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ( وقد روى البخاري في بَاب (عَقْدِ الشَّيْطَانِ عَلَى قَافِيَةِ الرَّأْسِ إِذَا لَمْ يُصَلِّ بِاللَّيْلِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ {يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ! فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ؛ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ} وعن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الرُّؤْيَا قَالَ {أَمَّا الَّذِي يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ}رواه البخاري، وقد روى كذلك في باب (إذَا نَامَ وَلَمْ يُصَلِّ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ {ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقِيلَ مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ مَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ! فَقَالَ: بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ} وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود t قال {كفى بالمرء من الشقاء – أو من الخيبة – أن يبيت وقد بال الشيطان في أذنه فيصبح ولم يذكر الله} قال ابنُ حجر: “وَهُوَ مَوْقُوف صَحِيح الْإِسْنَاد”. [فتح الباري لابن حجر 4/130]. وقال السيوطي: “إَنَّ الشَّيْطَان اِسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَاسْتَخَفَّ بِهِ حَتَّى اِتَّخَذَهُ كَالْكَنِيفِ الْمُعَدّ لِلْبَوْلِ إِذْ مِنْ عَادَة الْمُسْتَخِفّ بِالشَّيْءِ أَنْ يَبُول عَلَيْهِ”.[شرح سنن النسائي 3/67]. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: “خَصَّ الْأُذُن بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْن أَنْسَب بِالنَّوْمِ إِشَارَة إِلَى ثِقَل النَّوْم؛، فَإِنَّ الْمَسَامِع هِيَ مَوَارِد الِانْتِبَاه. وَخَصَّ الْبَوْل لِأَنَّهُ أَسْهَل مَدْخَلًا فِي التَّجَاوِيف وَأَسْرَع نُفُوذًا فِي الْعُرُوق فَيُورِث الْكَسَل فِي جَمِيع الْأَعْضَاء”.[فتح الباري لابن حجر 4/130]. وفي رواية أبي نُعَيْم الأصبهاني: [ (بال الشيطان في أذنيه؛ فيصبح وهو يشتكي كاهله؛ يقول: بئس ما وسَّدْتُمونا الليلة)! أخبار أصبهان لأبي نُعَيم 1/340،حديث 273]. وفي رواية الحسن البصري عند الهيثمي “قال: بال الشيطان في أذنه قال الحسن: إن بوله والله ثقيل. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح”.[مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي 1/390]. وفي مسند ابن الجعد عن أبي خالد الأحمر قال: “ذكر الأعمش نحوا من هذا الحديث: فقال: (ما أرى عيني عمشت إلا من كثرة ما يبول الشيطان في أذني. وما أظنه فعل هذا قط!” [مسند ابن الجعد 2/256، حديث 657]. قال الذهبي: “يريد أن الأعمش كان صاحب ليل وتعبد”.[سير أعلام النبلاء للذهبي 6/232]. وفي روايةٍ: عن أبي خالد الأحمر عن الاعمش قال: “بلغني أن الرجل إذا نام حتى يصبح يعني لم يصل توركه الشيطان فبال في أذنه. وأنا أرى أنه قد سلح في حلقي الليلة، وذلك أنه كان يسعل”. [سير أعلام النبلاء 6/231]. وقد روى أحمد في كتاب الزهد عن عبد الله قال: (ما من رجلٍ ينام لا يذكُرُ الله عزَّ وجل إلا بال الشيطان في أُذُنِه، وايم الله لقد فعلَ بصاحبِكم الليلةَ يعني نفسَه). [الزهد لأحمد بن حنبل 2/415، حديث 886]. وإنما طوَّلتُ لخطورة هذا الأمر، وعظمة المصيبة بالتهاون في أداءِ الصلاة وتضييعها في زماننا، والله المستعان.