قضاء العدة في منزل الوالد
هل يجوز للمرأة أن تقضي فترة العدة في منزل والدها لظروف والدتها الصحية ولعدم وجود من يعتني بالمرأة في منزل الزوج وبعده عن منزل والدها؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالواجب على المرأة التي توفي عنها زوجها أن تمكث فترة العدة في بيت الزوجية ولا تنتقل منه إلا لعذر شرعي؛ كما لو كان البيت غير مملوك للزوج وقد انقضت مدة إجارته؛ أو كان في مكان مخوف لا تأمن المرأة فيه على نفسها، أو كانت تحتاج إلى من يخدمها ولا يتوفر لها ذلك في بيت الزوجية.
والأصل في ذلك حديث فريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن زوجها خرج في طلب أعبد له، فقتلوه بطرف القدوم، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم). قالت: فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد، دعاني، أو أمر بي فدُعيت له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف قلت) فرددت عليه القصة، فقال: (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله). فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا. رواه مالك في موطئه وهو حديث صحيح. قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: وإذا ثبت هذا؛ فإنه يجب الاعتداد في المنزل الذي مات زوجها وهي ساكنة به، سواء كان مملوكاً لزوجها، أو بإجارة، أو عارية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفريعة: (امكثي في بيتك). ولم تكن في بيت يملكه زوجها. وفي بعض ألفاظه: (اعتدي في البيت الذي أتاك فيه نعي زوجك) وفي لفظ: (اعتدي حيث أتاك الخبر) فإن أتاها الخبر في غير مسكنها، رجعت إلى مسكنها فاعتدت فيه. والله تعالى أعلم.