قضايا معاصرة

العزف على الجيتار

السلام عليكم، أريد أن أسأل عن حكم من يعزف عن الجيتار؟ وشكرا

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد

فالحكم في هذه المسألة فرع عن الحكم على المعازف جملة، وذلك في نقاط:

أولاها: جواز الدف في المناسبات التي أذن فيها الشرع؛ كالنكاح حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم (أعلنوه في المساجد واضربوا عليه بالدف) رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها، وعند قدوم غائب استدلالا بالحديث الصحيح حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم (أوف بنذرك) للمرأة التي قالت له (إني نذرت إن أن أضرب على رأسك بالدف) وكذلك يوم العيد استدلالا بحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت (دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان من جواري الأنصار في أيام منى تدففان وتضربان تغنيان) متفق عليه. قال الفقهاء: المراد بِالدفِّ ما لا جلاجل له. وهل يجوز للرجال والنساء جميعا؟ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: واستدل بقوله {واضربوا} على أن ذلك لا يختص بالنساء، لكنه ضعيف، والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء، فلا يلتحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن.ا.هـ

وما سوى الدف من المعازف جمهور العلماء على تحريمه استدلالا بحديث (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) رواه البخاري تعليقاً، حيث استدلوا بلفظة (يستحلون) على كونها حراماً؛ إذ الحلال لا يحتاج إلى استحلال، وخالف في ذلك بعضهم كأبي محمد بن حزم وأبي بكر بن العربي رحمة الله عليهما. قال ابن العربي رحمه الله تعالى في عارضة الأحوذي 1/249: وليس الْغِنَاءُ بِحَرَامٍ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد سَمِعَهُ في بَيْتِهِ وبَيْتِ غَيْرِهِ، وقد وَقَفَ عليه في حياته. وإنْ زَادَ فيه أَحَدٌ على ما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم عُودًا بِصَوْتٍ عليه نَغْمَةٌ، فقد دَخَلَ في قوله: (مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟! فَقَالَ: دَعْهُمَا؛ فَإنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ). وإنِ اتَّصَلَ نَقْرُ طُنْبُورٍ بِهِ، فلا يُؤَثِّرُ أيضًا في تحريمه؛ فإنها كلها آلاَتٌ تَتَعَلَّقُ بها قُلُوبُ الضعفاء، ولِلنَّفْسِ عليها اسْتِرَاحَةٌ، وطَرْحٌ لِثِقْلِ الْجِدِّ الذي لا تَحْمِلُهُ كُلُّ نَفْسٍ، ولا يَتَعَلَّقُ به كُلُّ قَلْبٍ، فإن تَعَلَّقَتْ به نَفْسٌ، فقد سَمَحَ الشَّرْعُ لها فيه.ا.هـــ

ففي المسألة – كما ترى – خلاف معتبر، والسعيد من استبرأ لدينه وعرضه واتقى الشبهات طلباً للسلامة، والله الموفق والمستعان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى