الأوراق العلمية

ثوابت الأمة في ظل المتغيرات الدولية

فإن ثوابت الأمة التي لا تقبل تغييراً ولا تبديلاً، تتضمن جملة من المسائل التي يحسن التنبيه عليها في زمان يراد للثوابت فيه أن تصير متغيرات، وتتعرض الأمة لحملة جائرة تقلب المعاني وتزوِّر الحقائق؛ حتى تصوِّر الخير شراً، وتجعل من المعروف منكراً،والغرض  من ذلك هو الصد عن سبيل الله،بإشاعة جملة من المصطلحات التي يراد لها أن تنتشر بين الناس ويغدو استعمالها مألوفاً ينشأ عليها الصغير ويهرم فيها الكبير، مع تخويف الناس من مباشرة الشعائر والأخلاق التي يمليها عليهم دينهم ويوجبها ربهم، ولو تأمل المرء لوجد أن كلمات مثل: (التسامح الديني ـ التعايش الحضاري ـ تخفيف التوتر ـ ضبط النفس ـ الانكفاء الديني ـ الحرية المطلقة) هي التي تُطرح بقوة في أيامنا هذه وكأنه ليس في لغة العرب سواها، أو لعل المعاصرين قد اكتشفوا فيها من المعاني والمضامين ما لم يدركه الأولون!! وفي مقابل ذلك تجد مصطلحات شرعية وألفاظاً قرآنية حُظرت على الكافة أو تكاد، ولك أن تستعمل في خطابك الدعوي كلمات مثل: (الكفار ـ الجهادـ الولاء والبراء ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) لتوجَّه إليك سهام الناقدين بأن في فهمك تخلفاً وأنك من المحرضين على العنف وممن ينشرون الكراهية؛ حتى أصبح من المألوف أن ترى على صفحات الدوريات وفي تصريحات المسئولين الغربيين ومن والاهم من بني جلدتنا ـ من خلال حرب المصطلحات ـ تسمية جهاد الدفع إرهاباً والصدقات تمويلاً للإرهاب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تطرفاً وتشدداً، ويظهر ذلك جلياً حين نعلم أن هؤلاء المحرضين ـ خاصة من المنافقين ـ لم يفتح الله عليهم بكلمة واحدة في التحذير من المنظمات الكنسية والهيئات التنصيرية التي قد تبلغ في بلد مسلم واحد العشرات وقد علموا أن تبرعات ضخمة تجمع، وأموالاً هائلة توقف؛ لدعم أنشطة  غايتها الصد عن سبيل الله والكفر به سبحانه وتعالى؛ في مقابل التضييق على المنظمات الإسلامية والهيئات الدعوية وإرهابها بتهمة الإرهاب، وتخويف المحسنين من المسلمين حتى يكفوا عن بذل أموالهم لنفع إخوانهم، فإذا ما أصابت المسلمين كارثة أرضية أو آفة سماوية أو احتراب داخلي لم يجد المسلمون من يغيثهم سوى هذه المنظمات الكنسية مع تغييب تام لمثيلاتها المسلمة، ويتساءل عامة الناس: أين المسلمون؟ وأين الأخوَّة الإسلامية؟ وأين تعاليم الإسلام في غوث المسلم أخاه المسلم وعونه إياه؟ دون أن يدركوا أن أمراً قد دُبِّر من زمان بعيد لإيصال الناس إلى هذه الحالة، وصدق الله العظيم ((إنَّ الذينَ كَفَرُوا يُنْفِقونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ** لَيَميزَ الله الخَبيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الخَبيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيرََْكُمَهُ جَميعاً فَيَََجْعَلَه في جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُُُ الخَاسِرِونَ))

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى