أسماء الله الحسنى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بحثت عن أسماء الله الحسنى الثابتة بالكتاب والسنة ولم أجد ما يشفي غليلي فما هي الأسماء الثابتة؟ وجزاكم الله كل خير.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فأسماء الله عز وجل توقيفية؛ بمعنى أنه لا يجوز تسمية الله تعالى باسم لم يرد به الوحي؛ إذ العقل لا يستقل بإدراك أسماء الله تعالى؛ إذ لو كان العقل قادراً على معرفة أسماء الله وصفاته، وما يجوز أن يوصف به مما لا يجوز، لما احتاج الناس إلى الوحي، ولأصبح إرسال الرسل إلى الناس من العبث، ولذلك قال أهل العلم: الجواد لا يجوز أن يقاس عليه السخي، والقوى لا يقاس عليه الجلد، ولا يقاس على القادر المطيق ولا المستطيع، ولا يقاس العارف على العالم
وقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لله تسعة وتسعون اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر» وهذا العدد لا يراد به الحصر عند جمهور العلماء، بل المراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها، لا الإخبار بحصر الأسماء، قال الخطابي رحمه الله تعالى: هو بمنزلة قولك: إن لزيد ألف درهم أعدها للصدقة، وقولك: إن لعمرو مائة ثوب من زاره خلعها عليه، وهذا لا يدل على أنه ليس عنده من الدرهم أكثر من ألف درهم ولا من الثياب أكثر من مائة ثوب.ا.هـــ ويدل على صحة هذا التأويل الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول «…أسألك بكل اسم هو لك سمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك» وفي حديث عائشة «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك»
وقوله صلى الله عليه وسلم «من أحصاها» قيل: أن يعدها حفظاً ويدعو ربه بها؛ كما في قوله سبحانه {وأحصى كل شيء عددا} واستدل لهذا المعنى الخطابي بقوله ـ في الرواية الأخرى ـ «من حفظها دخل الجنة» وقيل: المراد بالإحصاء الإطاقة؛ كما في قوله سبحانه {علم أن لن تحصوه} أي لن تطيقوه، وكقول النبي صلى الله عليه وسلم «استقيموا ولن تحصوا» أي لن تبلغوا كل الاستقامة؛ فيكون المعنى: أن يطيق الأسماء الحسنى ويحسن المراعاة لها، وأن يعمل بمقتضاها، وأن يعتبرها فيلزم نفسه بموجبها. وقيل: الإحصاء بمعنى العقل والمعرفة فيكون معناه أن من عرفها وعقل معانيها وآمن بها دخل الجنة، وهو مأخوذ من الحصاة وهي العقل، تقول العرب: فلان ذو حصاة، أي ذو عقل ومعرفة بالأمور.
وقد اجتهد أهل العلم رحمهم الله تعالى في إحصاء هذه الأسماء من القرآن والسنة، ويمكن للسائل – وفقه الله – أن يرجع إلى كتاب (شرح الأسماء الحسنى) للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى، أو كتاب (أسماء الله وصفاته في معتقد أهل السنة) للشيخ الدكتور عمر بن سليمان الأشقر، أو كتاب (المنهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى) للشيخ حمود النجدي، أو غير ذلك من الكتب النافعة، والله الموفق والمستعان.