طلاق الثلاث
في الأسبوع الفائت تعرضت لضغط شديد، وكان السبب أني اكتشفت أني حامل، وكانت في نفس الفترة مشاكل بيني وبين زوجي، وكنا في حالة غضب شديد وما كان منه إلا أن طلقني وقالها 3 مرات، وكان هذا عبر الهاتف لأن زوجي يشتغل في بلاد أخرى … وبعد يومين عرف زوجي بغلطه وطلب مني العفو والسماح… وأنا لا أعرف ما العمل؟ كنا في حالة غضب شديد هل هذا الطلاق ساري وهل هو طلاق بثلاث؟ أرجوكم حضرة الشيخ أستفتيكم في مشكلتي و أرجو منكم أن تأخدوها بعين الاعتبار وإجابتي في أقرب وقت
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالواجب على الزوجين أن يتقيا الله تعالى في رابطة الزوجية، وألا يعرضاها للانهيار أو التصدع، بل عليهما بالصبر وحسن الخلق، ومتى ما حصل بينهما تغاضب فليتنازل أحدهما ويغادر المكان؛ لأن الشيطان قريب منهما في حال الغضب وقد يسوِّل لهما الفرقة ويزين الطلاق في عينيهما فيندمان حيث لا ينفع الندم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي حين طلب منه الوصية (لا تغضب). وعلى الزوج أن يعلم أن إظهار الرجولة لا يكون بالتلفظ بالطلاق؛ كما أن الرجل العاقل لا يستجيب لاستفزاز المرأة، بل يعامل الله فيها؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها {كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك} وعلى المرأة أن تعلم أنها إن كانت مضغوطة بسبب الحمل أو غيره؛ فالرجل كذلك يتعرض لأمور عظام قد يختل معها تفكيره ويسرع غضبه
وطلاق الغضبان واقع عند جمهور أهل العلم؛ ما دام يعقل ما يقول حال تلفظه بالطلاق؛ ولو كان طلاقه غير واقع لما وقع طلاق أصلاً؛ لأنه لا يطلق أحد حتى يغضب، أما إذا وصل به الغضب إلى حد فقدانه عقله وعدم تمييزه لقوله فإنه لا يقع؛ وبه فسر بعض العلماء قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
هذا وقد قسَّم أهل العلم الغضب إلى أحوال ثلاثة:
أولها: أن يحصل للإنسان مبادئ الغضب وأوائله ولكنه لا يغير من عقله بحيث إنه يعي ما يقول، فهذا يقع طلاقه بلا خلاف
ثانيها: أن يبلغ به الغضب نهايته فلا يعي ما يقول، فلا خلاف في عدم وقوع طلاقه
ثالثها: أن يستحكم به الغضب ويشتد عليه لكنه لا يزيل عقله، فهو يعي ما يقول، ولكنه يحول بينه وبين نيته، أي أنه لا نية له في الطلاق، وهذا القسم فيه خلاف بين أهل العلم، ورجح ابن القيم رحمه الله تعالى عدم وقوع طلاقه وعقوده التي يبرمها في معاملاته؛ بناء على أدلة ساقها
وعليه فإن كانت حالة زوجك حين تلفظ بالطلاق بالوصف الذي ذكره أهل العلم فإن طلاقه لا يقع، وعليه أن يستغفر الله مما كان، والله الموفق والمستعان