المواريث

نوى أن يوقف وقفا ثم تراجع

لقد توفي الوالد رحمه الله تعالي. تركنا ووالدتنا ومعنا والدته (جدتنا) ونحن بصدد حصر التركة لإبراء ذمتنا من نصيب جدتنا لأنها مسنة وبدأت في مرحلة الخرف ونخشى أن يقضي الله امره قبل أن نعطيها نصيبها الشرعي؛ وفي سبيل ذلك بدأنا بحصر جميع ممتلكات الوالد رحمه الله تعالي من مال وعقار ومنقولات، ومن ضمن العقارات يوجد عقار كان والدنا رحمه الله ينوي أن يجعله وقف ويسجله لصالح وزارة الاوقاف. ولكن بعد النقاش ومشاورة الاسرة عدل عن رأيه هذا وترك الأمر خصوصاً بعد أن كان قد ظهرت بعض التجاوزات وملفات الفساد التي ظهرت للعلن حول تصرف بعض المفسدين في بعض الاوقاف وحولوها لمصالح شخصية. لقد قفل باب هذا الموضوع في حياته وهو بكامل صحته ولم يذكره مجدداً. تفاجأنا بأن وجدنا وصية مكتوبة منذ العام 2008 وبخط يده موجودة ضمن أوراق العقار موضوع الفتوي؛ فهل تعتبر هذه الوصية ملزمة لنا برغم عدوله عنها. ام نتجاهلها

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأسأل الله تعالى أن يتغمد الوالد برحمته وأن يسكنه فسيح جنته، أما بعد

فللإجابة على هذه المسألة لا بد من بيان جملة أمور:

أولها: أن الوقف لا ينعقد بمجرد النية بل لا بد من لفظ يقترن بالنية؛ كقوله: وقفت، أو حبست، أو سبّلت، فمجرد نية الوالد رحمه الله تعالى لا ينعقد بها وقف

ثانيها: إن كان الوالد رحمه الله تعالى قد تلفظ بالوقف فلا يجوز له الرجوع فيه؛ جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يجوز الرجوع فيما وقف من الأرض ولا في بعضه لأنها خرجت من ملك الواقف بالوقف، إلا الانتفاع بها فيما جعلت له.ا.هـــ وأما إذا لم يكن قد تلفظ فكما بينت لك في الفقرة الأولى لا ينعقد ذلك الوقف

ثالثها: الوصية التي وجدتموها بعد وفاته تختلف عن الوقف، حيث إن الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ أَنَّ كِلَيْهِمَا تَبَرُّعٌ، لَكِنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَدْ تَكُونُ بِالْعَيْنِ، وَقَدْ تَكُونُ بِالْمَنْفَعَةِ، أَمَّا الْوَقْفُ فَهُوَ تَبَرُّعٌ فِي حَال الْحَيَاةِ وَبِالْمَنْفَعَةِ فَقَطْ.ا.هــــــ

رابعها: هذه الوصية وجدت مكتوبة فإن كنتم تجزمون أن تلك هي كتابة الوالد فهي ملزمة لكم وواجب عليكم تنفيذها، لكن هذا التنفيذ مقيد بأن يكون ذلك العقار الموقوف لا يستغرق أكثر من ثلث التركة، لأن الوصية لا تكون إلا في ذلك الحد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الثلث، والثلث كثير) والعلم عند الله تعالى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى