هل يدخل غير المسلم الجنة؟
أحد الزملاء سأل وبكل جدية قائلا: تعداد البشر حوالى السبعة مليارات منهم تقريباً فقط مليار ونصف من المسلمين ،،، فهل تتصور أن الله سبحانه وتعالى يدخل فقط المسلمين الجنة ..!!! وبقية المليارات تدخل النار حسب قولكم ..!!!! نرجو الإجابة على تساؤله فقد توقفت عن النقاش معه وقلت له هذه أمور تتعلق بالعقيدة، نسأل فيها أهل العلم ،،،، جزاكم الله خيرا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فأنت مأجور على سؤالك عما أشكل عليك من أمور دينك، ومأجور كذلك عن الامتناع عن الخوض فيما لا علم لك به، ومأجور على إعراضك عن الجدل؛ فإن النبي صلى الله عليه وسـلم قال “أنا زعيم لبيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً” وصاحبك – غفر الله له – مخطئ في اعتراضه العقلي المحض على أمر قدري أخبر عنه ربنا جل جلالـه في القرآن، وقد كان حرياً به أن يسأل قبل أن يستنكر؛ من أجل أن يعرف الحق فيتبعه، وجواباً على السؤال أقول: إن الله تعالى قد خلق الخلق ليعرفوه ويوحدوه ويعبدوه فقال سبحانه {الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما} وقال سبحانه {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} وقد أرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وأخذ عليهم العهد وهم في ظهر أبيهم آدم عليه السلام أن يعبدوه وحده، ثم لما خرجوا إلى الدنيا منهم من وفى بهذا العهد – وهم قليل – وأكثر الناس أعرضوا واستكبروا عن عبادة ربهم وأطاعوا الشياطين فيما أحدثت من عقائد مبتدعة وملل زائغة؛ فقال سبحانه {وإن كثيراً من الناس لفاسقون} وقال {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} وقال سبحانه {ثم عموا وصموا كثير منهم} وقال {وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفرا} وقال {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} {وإن كثيراً ليضلون بأهوائهم بغير علم} وقال {وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون} وقال {وإن كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون} وقال {وقليل من عبادي الشكور}
فكان من تمام عدله ورحمته جل جلالـه أن ينعم من آمن به وأطاعه في جنته، وأن يعذب من كفر به وعصاه في نار تلظى {لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى} وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسـلم أن أكثر الناس يوم القيامة في جهنم عياذاً بالله؛ فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسـلم قال: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا آَدَمُ‼ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ. فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ. قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ‼ فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ؟ قَالَ: أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلٌ وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفٌ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ‼ فَكَبَّرْنَا؛ فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ‼ فَكَبَّرْنَا؛ فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ‼ فَكَبَّرْنَا؛ فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلاَّ كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ، أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ.
فليس الأمر كما ظن صاحبك بل أكثر من ذلك، وسلعة الله – وهي الجنة – غالية؛ لا يدخلها إلا المتقون الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهلها، والله الموفق والمستعان