التصوّف
ما حكم التصوف؟ هل كل من اتبعه فهو ظالم؟ وما حكم الاستمتاع بالمديح؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فاسم التصوف لا يتعلق به مدح ولا ذم لمجرده، بل العبرة بما يقترن به من مقاربة للشريعة أو مباعدة لها؛ فإذا كان التصوف يعني الزهد في الدنيا والتقلل من متاعها وحسن الخلق ودوام المراقبة وطيب الكسب في عفة طُعْمَة مع تعظيم للشريعة واتباع للسنة فأنعم به وأكرم، أما إذا كان يعني الاعتماد على الأذواق والمواجد وكلام فلان وفلان من الأشياخ مع تنحية الشريعة ومنابذة السنة واعتبارها ظواهر تليق بالعوام دون الخواص، وأن للخواص علماً لدنياً يبيح لهم ارتكاب الفواحش والاجتراء على المحرمات، مع فساد اعتقاد في الأقطاب والأوتاد ـ كما يُسمَّون ـ وأن لهم تصرفاً في الكون؛ فهذا تصوف ما أنزل الله به من سلطان، والله ورسوله منه بريئان.
وعلى المسلم أن يعمر باطنه بدوام المراقبة وظاهره باتباع السنة وأن يحرص على طلب العلم والاقتداء بالصالحين ليسلم له دينه ويدوم له إيمانه، وليحذر من بنيات الطريق؛ لأن الله تعالى ما تعبدنا بقول فلان أو فلان من الناس، وإنما الحجة والهدى والنور في كتاب ربنا سبحانه وتعالى وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
وأما المديح فإذا كان متضمناً الحث على مكارم الأخلاق والحديث عن الشمائل والمعجزات والثناء على الله تعالى بما أثنى به على نفسه، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بما عهد عنه في سيرته النضرة وأيامه العطرة دون غلو أو تجاوز، مع خلوه من المعازف وعدم الإسراف فيه فلا حرج إن شاء الله، والاستماع إليه مما يروح به المرء عن نفسه ويطرد عنها الملل. والعلم عند الله تعالى.