متعة المطلقة
حياكم الله شيخنا وأستاذنا وجزاكم الله عنا كل خيرا
سؤالي: كنت قد استفسرتك قبل فترة عن أنني أريد طلاق زوجتي العاقد عليها، وقد أوضحت لي مشكوراً أنه يجب لها نصف المهر شرعا، وعندما راجعت وثيقة الزواج وجدت مكتوباً عليها أن قيمة الصداق 100 جنيه فقط والمؤجل لا شيء؛ فهل هذا هو المهر المقصود؟
السؤال الثاني: إذا لم يكن هذا هو المهر المقصود فهل معنى الآية (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره..) يعنى أن أدفع نصف المهر الذى أطيقه أم لابد أن أتقيد بالعرف علماً بأنهم فى البداية لم يطلبوا إلا 2000 جنيه كمهر لبنتهم؟
ثالثا في الصلاة: إذا صليت صلاة الظهر في المسجد، والإمام بعد الانتهاء من الركعة الرابعة قام لركعة خامسة وبعدما انتهى اتضح أنه نسي الفاتحة.. فماذا على من قام معه؟ وماذا على من بقي جالساً ينتظره وما قام معه؟ أرجوكم أفيدوني حفظكم الله واطال فى عمركم…
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فالمرأة المطلقة قبل الدخول يجب لها نصف المهر المتفق عليه بين الزوج ووليها؛ فإن لم يكن ثمة اتفاق فإنه يدفع لها نصف مهر المثل؛ بمعنى أن ينظر لما جرى عليه العرف في زواج مثيلاتها من القرابة والجيران ممن كانوا في مثل حالها فتدفع لها نصفه؛ لقوله تعالى {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} ولا اعتبار بما يكتب في العقد، بل بحقيقة المهر الذي اتفق عليه أو مهر المثل في حال عدم الاتفاق.
وأما المتعة المذكورة في قوله تعالى {ومتعوهن على الموسع قدره} فهي غير المهر؛ بل هي متعة يراد بها جبر كسر قلبها وفراقها لزوجها، وذلك بأن يبذل لها مالاً أو متاعاً يعوضها به عن ألم الفراق؛ وقد قال سبحانه مبيناً وجوب المتعة في حق من طلقت قبل الدخول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} وبين سبحانه عموم الحكم في قوله {وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين} قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْمُتْعَةَ حَقٌّ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ عَلَى مُطَلَّقِهَا الْمُتَّقِي، سَوَاءٌ أَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ لَا؟ فرض لَهَا صَدَاقٌ أَمْ لَا؟ وَيَدُلُّ لِهَذَا الْعُمُومِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} مَعَ قَوْلِهِ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ا.هــ
وأما قيام الإمام لخامسة لكونه قد نسي الفاتحة في إحدى الركعات؛ فالواجب أن يعلم أن الفاتحة ركن من أركان الصلاة القولية التي لا تصح إلا بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن» وقوله صلى الله عليه وسلم «كل صلاةٍ لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج» أي فاسدة غير صحيحة، فمن نسي قراءة الفاتحة في ركعة ألغاها؛ فتكون الركعة الرابعة مكان الثالثة والثالثة مكان الثانية وهكذا؛ فالإمام مصيب في قيامه إلى خامسة أما المأمومون الذين اعتقدوا قيام الإمام لموجب واتبعوه فصلاتهم صحيحة، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: وأما من تيقن ثبوت الموجب أو ظنه أو توهمه أو شك فيه فإنه يجب في هذه الأحوال أن يتبعه في قيامه وجوباً لأن الشخص إنما يعتد من صلاته بما تيقن أداءه.ا.هــــــــــــــــ ومن جلس في مكانه لاعتقاده تمام الصلاة وانتظر الإمام حتى سلم معه فصلاته كذلك صحيحة، والخلاصة أنه لا إعادة على واحد منهم، والله تعالى أعلم.