مقاطعة تارك الصلاة
هل يجوز مقاطعة تارك الصلاة؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم هجر بعض أصحاب المعاصي؛ كما فعل بالثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك حتى نزلت توبتهم من السماء؛ قال الله تعالى ((حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم)) وثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى الأشعري أن يقوم في الناس خطيباً بأن صبيغاً التميمي طلب العلم فأخطأه!! وقال له: مُرِ الناس ألا يكلموه ولا يجالسوه. حتى كتب إليه أبو موسى بعد حين بأن صبيغاً زعم أنه قد أحدث توبة. فقال له عمر: ما أراه إلا قد صدق فَمُرِ الناس فليكلموه وليجالسوه.
وهذه المقاطعة لا تؤتي أكلها إلا إذا تعاون عليها جميع الناس من الطيبين؛ بحيث يشعر العاصي ألا مقام له بينهم إلا إذا أقلع عما هو فيه وتاب إلى الله توبة نصوحاً؛ بأداء ما افترض عليه وترك ما نهى عنه سبحانه وتعالى.
وأما إذا كانت مقاطعة العاصي من شخص واحد أو أشخاص معدودين فالغالب ألا تأثير لها عليه؛ لأن بقية الناس يجالسونه ويؤاكلونه ويمازحونه فلا يشعر بوحشة تلك المقاطعة ولا تضيق عليه نفسه؛ بل ربما لا يسمع من أولئك المقاطعين نصحاً لو أرادوه، وهذا هو الحاصل في زماننا، لذلك أنصح بعدم مقاطعة تارك الصلاة بل يؤمر بالمعروف ويدعى إلى الله ويترفق به ويدعى له؛ لعل الله يهديه، والآمر مأجور على كل حال سواء امتثل المأمور أم لم يمتثل ((معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون)) والله المستعان.