أجعل لك صلاتي كلها
أرجو شرح معنى الحديث الذي يحكى نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة؛ حين سأله بأنه يصلي من الليل فهل يجعل له ربعها ثلثها…إلخ وكان النبي صلى الله عليه وسلم في كل مرة يقول له {خير وإذا زدت خيراً لك} أو كما قال صلى الله عليه وسلم, وهل يفهم منه إذا قام العبد من الليل يترك الصلاة المعروفة ويصلى فقط على النبي صلى الله عليه وسلم؟ أفيدونا جزاكم
هذا الحديث رواه الإمام أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: يا أيها الناس، اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، قلت: يا رسول الله، إني أكثر من الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت. قلت: الربع؟ قال: ما شئت؛ فإن زدت فهو خير. قلت: الثلث؟ قال: ما شئت؛ فإن زدت فهو خير. قلت: فالنصف؟ قال: ما شئت؛ فإن زدت فهو خير. قلت: فالثلثان؟ قال: ما شئت؛ فإن زدت فهو خير. قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ إذاً تكفى همك ويغفر لك ذنبك. وهذا الحديث حسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح 11/168، وكذلك الشيخ ناصر الدين الألباني كذلك في السلسلة الصحيحة برقم 954
ومعنى قول أبي رضي الله عنه {أجعل لك صلاتي كلها} أي أصرف بصلاتي عليك الزمن الذي كنت أدعو فيه لنفسي. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في جلاء الأفهام/32: سئل شيخنا أبو العباس بن تيمية رحمه الله عن تفسير هذا الحديث فقال: كان لأبي بن كعب دعاء يدعو به لنفسه فسأل النبي صلى الله عليه وسلم “هل يجعل له منه ربعه صلاة عليه فقال: إن زدت فهو خير لك، فقال له: النصف، فقال إن زدت فهو خير لك، إلى أن قال: أجعل لك صلاتي كلها: أي أجعل دعائي كله صلاة عليك، قال: إذا تكفى همك ويغفر ذنبك، لأن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله بها عشرا، ومن صلى الله عليه كفاه همه وكفر له ذنبه هذا معنى كلامه.ا.هــ وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: هناك احتمالان: الاحتمال الأول: وإليه ذهب شيخ الإسلام فيما أظن أن الرسول كان يعلم له دعاءً معيناً، فأراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يجعل دعاءً معيناً كله للرسول عليه الصلاة والسلام. والوجه الثاني: أن يقال: المراد أنك تشرك النبي عليه الصلاة والسلام في كل دعاء تدعوه، وإلا فإن من المعلوم أن الإنسان لو أخذ بظاهر الحديث لكان لا يقل: رب اغفر لي، ولا يقل: اللهم ارحمني، ولا يقل اللهم ارزقني بل يقول: اللهم صل على محمد ويكفى الهم، وهذا خلاف ما جاءت به الشريعة، الإنسان مأمور أن يدعو لنفسه في السجود وفي الجلسة بين السجدتين وفي دعاء الاستفتاح على أحد الوجوه التي وردت فيه، فهذا يحمل على المعنيين إما أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعلم أنه يدعو بدعاء معين فأراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يجعله للرسول وإما أن يشركه معه في دعائه فكأنه قال صلاتي كلها يعني: كلما دعوت لنفسي صليت عليك. والله تعالى أعلم.