أحكام الزواج والطلاق ومعاشرة الأزواج

هل موافقة الوالد شرط لصحة زواج الولد؟

شاب عمره 25 سنة ترك له والده حرية اختيار الزوجة بناء على معايير محددة، وحين اختار واستخار الله فيها أخبر والده بها، إلا أن والده اعترض عليها لسببين: الأول اختلاف المنطقة (رغم أنها من نفس الدولة) والسبب الثاني :المهر (رغم موافقة الشاب على تحمل الفارق) فحاول الشاب إقناع والده فسكت الأب، ثم وسَّط الوالد الأهل وبعض أصدقاء الشاب لإقناعه عن العدول، ولم يخبر ابنه برفضه مباشرة، فاستخار الشاب على التمسك بالفتاة أو التخلي عنها فرأى في تلك الليلة عقب الاستخارة وقبل صلاة الفجر: انه سيتقدم لخطبتها مع والده ووالدته ووافق أهلها واتصل أخوها في يوم الخطوبة ليسأله عن والده هل سيحضر أم لا؟ وكان الشاب يسمع صوت الفتاة وهي تطلب من أخيها أن يسأله في التلفون. السؤال: ماذا يفعل الشاب هل يتمسك بالفتاة وهي المعروفة بصلاحها (ولا يزكيها على الله) أم ماذا يفعل وهو الآن مطالب من كل العائلة باختيار الزوجة؟ مع العلم بأنه عندما تعرف إليها استخار الله في رمضان أن كان مقدَّراً لهما الزواج أن يحبها وان لم يقدر لهما ذلك أن يصرفها عن قلبه.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فالأولى للشاب أن يطيع والديه إذا نَهَياه عن نكاح امرأة بعينها؛ فإنَّ للوالِدَيْن عادةً من عُمقِ النظر وثراء التجربة والقدرة على الحكم على معادن الناس؛ ما لا يفطن إليه الشاب غالباً. فننصح هذا الأخ الكريم وأمثاله من الشباب أن يُشْرِكُوا آباءهم وأمهاتِهم في اختِيارِ زوجاتهم، ولهم في إسماعيل عليه السلام خيرُ أُسوة في ذلك؛ فقد فارق زوجته الأولى لكراهة أبيه لها؛ فعوَّضَه الله خيراً منها! وقد قال العلماء في قصة سليمان عليه السلام: من ترك شيئا لله عوَّضَه خيراً منه، “فسليمان عليه السلام عَقَرَ الجيادَ الصافِنات المحبوبة للنفوس تقديما لمحبة اللّه؛ فعوَّضَه اللّه خيراً من ذلك بأنْ سخَّرَ له الريحَ الرُّخاء الليِّنة التي تجري بأمره إلى حيث أراد وقصد غدوها شهر ورواحها شهر، وسخَّر له الشياطين أهل الاقتدار على الأعمال التي لا يقدر عليها الآدميون”. تفسير السعدي 1/712.

ومن المهم هنا التنبيهُ على أنَّ الشاب قلما يختار بعقله عند تعرفه على فتاة يريد الزواج منها؛ وكثيراً ما تقود العاطفة اختيارَه إقداما وإحجاماً * وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٌ * وأما الأهل فلا تؤثِّرُ العواطف في أحكامهم غالبا؛ فلذلك من الحكمة والإنصاف أن يستعين الشباب بآراءِ والديهم وأهليهم لينتفعوا بتجاربهم وينعموا ببركة رضا الوالدين وبرهم. وما خاب من استشار. والوالدان أولى الناس وأحقُّهم بأن نترك آراءنا لآرائهم في مرضاة الله. والله الموفق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى