أحكام الصيام

تبرع بالدم فأفطر

تبرع رجل بدم في نهار رمضان فأفطر فماذا عليه؟

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فإن التبرع بالدم لم يكن معروفاً في العهد الأول، لكن وجد شبيهه وهو الحجامة، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم كما في البخاري من رواية ابن عباس رضي الله عنه، فلذلك قال جمهور العلماء من إن فعل الحجامة لا يفطر به الحاجم ولا المحجوم، وبه قال ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبو سعيد الخدري وأم سلمة وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والشعبي  والنخعي  والثوري وأبو حنيفة ومالك وداود وغيرهم، وذهب الحنابلة إلى أن الحجامة يفطر بها الحاجم والمحجوم استدلالاً برواية ثوبان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول {أفطر الحاجم والمحجوم} رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة، وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل بالبقيع وهو يحتجم، وهو آخذ بيدي لثماني عشرة خلت من رمضان، فقال {أفطر الحاجم والمحجوم} رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة. وقد أجاب الجمهور عن هذه الروايات الواردة في النهي عن الحجامة باحتمال أن تكون في أول الأمر ثم نسخت، أو تحمل على أن الأولى للصائم تركها مخافة أن تضعفه كما في صحيح البخاري عن ثابت البناني قال: سئل أنس بن مالك: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا إلا من أجل الضعف.

وعليه فإن المتبرع بدمه صومه صحيح، خاصة إذا دعت لذلك ضرورة وقد قال سبحانه {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} وما ينبغي له أن يفطر إلا إذا أنس من نفسه ضعفاً وخشي باستمراره في الصوم مفسدة تلحقه في بدنه أو عقله، وعليه القضاء في تلك الحالة؛  أما إذا أفطر ظناً منه بأن صومه قد فسد فليس عليه سوى القضاء كذلك؛ لأنه متأول تأويلاً قريباً، وليستغفر الله من تقصيره في سؤال أهل العلم، والله تعالى أعلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى