ثم تكون خلافة على منهاج النبوة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نفع الله بكم الاسلام والمسلمين، أرجو منكم شاكراً شرح هذا الحديث؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةٍ. ثُمَّ سَكَتَ.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فالحديث رواه الإمام أحمد والبزار والطبراني في الأوسط، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة، ونسبه صاحب مشكاة المصابيح إلى كتاب دلائل النبوة للبيهقي، وفيه يذكر النبي صلى الله عليه وسـلم أن النبوة تبقى ما شاء الله أن تبقى ثم يرفعها الله عز وجل بوفاة نبيه صلى الله عليه وسـلم وانقطاع الوحي؛ ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة وذلك ثلاثون سنة كما جاء في الأحاديث الأخرى، ثم يرفعها الله عز وجل بانتهاء عهدها وذلك بمقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه سنة أربعين من الهجرة، قال في مرقاة المفاتيح: ثم تكون ملكاً عاضاً يَعَضُّ بَعْضُ أَهْلِهِ بَعْضًا، كَعَضِّ الْكِلَابِ “فَيَكُونُ” أَيِ: الْمُلْكُ، أَيِ: الْأَمْرُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا اللَّهُ تَعَالَى أَيْ: تِلْكَ الْحَالَةَ (ثُمَّ تَكُونُ) أَيِ: الْحُكُومَةُ (مُلْكًا جَبْرِيَّةً) أَيْ: جَبْرُوتِيةٌ وَسُلْطَةٌ عَظَمُوتِيةٌ (فَيَكُونُ) أَيِ: الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا اللَّهُ تَعَالَى أَيِ: الْجَبْرِيَّةَ، “ثُمَّ تَكُونُ” أَيْ: تَنْقَلِبُ وَتَصِيرُ “خِلَافَةً” وَفَى نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ، أَيْ: تَقَعُ وَتَحْدُثُ خِلَافَةٌ كَامِلَةٌ “عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ” أَيْ: مِنْ كَمَالِ عَدَالَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا: زَمَنُ عِيسَى – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ – وَالْمَهْدِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ.ا.هـــــــ
وهذا الحديث من دلائل نبوته صلى الله عليه وسـلم حيث وقع الأمر كما أخبر؛ فكانت الخلافة الراشدة بعد وفاته عليه الصلاة والسلام وثبت الخلفاء الراشدون الأربعة على ما كان في عهده عليه الصلاة والسلام من كمال عدل ورشاد وما بدلوا تبديلا، ثم تحول الأمر إلى ملك عاض بمجيء حكم بني أمية وحصل نوع تحول عن هدي النبوة وصارت الخلافة وراثة بعد أن كانت في المسلمين شورى، ثم جاء من بَعدهم قوم طال عليهم الأمد فقست قلوبهم وعظم بُعدهم عن هدي النبوة فسفكوا الدماء وانتهكوا الحرمات وبدلوا شرع الله، وهو ما نراه ماثلاً في كثير من بلاد المسلمين بل في جُلِّها، والله الهادي إلى سواء السبيل.