رشوة في الجمارك
أنا تاجر استورد البضائع من الخارج، وأواجه بجمارك عالية كما هو معروف للجميع، وإذا دفعتها كاملة إما أن أخسر أو لا أربح إلا القليل، فهل يجوز كما يفعل الكثيرون أن أدفع المال للضباط فأدخل تحت طائلة الرشوة؟ وأنا أخاف الله رب العالمين! أم أحاول التهرب عبر المعرفة الشخصية وهو خيار صعب جدا؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالواجب على الدولة أن تسعى في تخفيف الجمارك عن الناس تمهيداً لإلغائها؛ لأنها باب لأكل أموال الناس بالباطل؛ وهي نوع من المكوس التي حرَّمها الشرع؛ والمَكْس: هو الضريبة التي تفرض على الناس، ويُسمى آخذها (ماكس) أو (مكَّاس) أو (عَشَّار) لأنه كان يأخذ عشر أموال الناس.
وقد ذكر العلماء للمكس عدة صور: منها ما كان يفعله أهل الجاهلية، وهي دراهم كانت تؤخذ من البائع في الأسواق. ومنها دراهم كان يأخذها عامل الزكاة لنفسه، بعد أن يأخذ الزكاة ومنها: دراهم كانت تؤخذ من التجار إذا مروا، وكانوا يقدرونها على الأحمال أو الرؤوس ونحو ذلك، وهذا أقرب ما يكون شبهاً بالجمارك، وذكر هذه الصور الثلاثة في “عون المعبود” وفي “شرح السنة” قال البغوي رحمه الله تعالى: “أراد بصاحب المكس: الذي يأخذ من التجار إذا مروا مَكْسًا باسم العشر” اهـ .
ولا يجوز لك دفع رشوة لمن يعمل في الجمارك تخلصاً منها؛ إذ الخطأ لا يعالج بالخطأ، لكن لو استطعت عبر المعرفة الشخصية أن تخفف منها أو تسقطها فافعل، والله الموفق والمستعان.