أحكام الطهارة

التداوي بعظم الخنزير

السلام عليكم، أنا مسلم أعيش في أوربا، راجعت طبيب أسنان مسلم يصلي، وكانت لديَّ معالجة لغرض زرع أسنان في الفك العلوي، وقبل إجراء عملية الزرع قال لي الطبيب: قد نحتاج إلى تقوية عظم الفك بإضافة عظم طبي مكوناته من عظم الخنزير! وهنا أنا وقفت وأكدت عليه هل هذا جائز شرعاً؟ قال: نعم لأنك لا تقوم بأكله! وقال: كثير من الأطباء يستخدمون ذلك, وقمت بالتأكيد عليه وذكَّرته بأنه مسلم ويصلي هل هذا حرام أم لا؟؟ قال: لا! وبعد ساعة من إجراء العملية وبعد رجوعي إلى البيت ومراجعة الإنترنت بالدخول إلى صفحات الفتاوى تبيَّن لي بأنه لا يجوز استخدام عظام الخنزير للتداوي إلا في حالة الضرورة!
سؤالي كيف أعالج الموقف إذا كان في رفع هذا العظم ضرر لي؟ وماذا عليَّ أن اعمل لكي أتخلص من هذا الموقف الذي تورطت به؟ وإني صائم مصلي وأخاف الله، وما العمل إذا كان الطبيب لا يستطيع فك هذا العظم من عظم فكي العلوي؟!

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

فجوابا على هذا السؤال لا بد من تنبيه السائل على أمور:

أولها: أن طلب العلاج والمداواة أمر مطلوب شرعاً وقد قال النبي صلى الله علـيه وسلم (تداووا عباد الله؛ فما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله)

ثانيها: أن العلاج لا يكون إلا بما هو مشروع وقد دلت التجربة على كونه مفيداً؛ وقد قال عليه الصلاة والسلام (ولا تداووا بمحرم) وقال (إن الله تعالى لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها)

ثالثها: أنه عند التباس الأمر في كون العلاج المبذول مباحاً أو ممنوعاً فإنه يرجع في ذلك إلى أهل الاختصاص ممن يفتون الناس، وقد أنس الناس منهم التحري والورع فيما يفتون به، ولا يكتفي المريض بسؤال الطبيب؛ لأن الطبيب – غالبا – ليس من أهل الفتوى

رابعها: الخنزير نجس كله عند جمهور العلماء – لحمه وشحمه وظلفه وشعره – حال حياته؛ لأن الله تعالى قال في وصفه {فإنه رجس}  أما بعد مماته فهو نجس بإجماع أهل العلم؛ جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الحنفية والشافعية والحنابلة على نجاسة عين الخنزير، وكذلك نجاسة جميع أجزائه وما ينفصل عنه كعرقه ولعابه ومنيه، وذلك لقوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم} والضمير في قوله تعالى: {أو لحم خنزير فإنه رجس} راجع إلى الخنزير فيدل على تحريم عين الخنزير وجميع أجزائه….. وذهب المالكية إلى طهارة عين الخنزير حال الحياة … واتفق الفقهاء على أنه لا يطهر جلد الخنزير بالدباغ، ولا يجوز الانتفاع به لأنه نجس العين، والدباغ كالحياة، فكما أن الحياة لا تدفع النجاسة عنه، فكذا الدباغ، ووجه المالكية قولهم بعدم طهارة جلد الخنزير بالدباغ بأنه ليس محلا للتذكية إجماعا فلا تعمل فيه فكان ميتة فلا يطهر بالدباغ ولا يجوز الانتفاع به.ا.هـــــ

خامسها: أنه مثلما يحرم أكل الخنزير يحرم بيعه والتداوي به؛ اللهم إلا إذا دعت لذلك ضرورة ولم يوجد البديل الطاهر، ويعرف ذلك بخبر الأطباء الثقات، ولا يكتفى بقول الواحد خاصة إذا علم من حاله التجاسر على الفتوى وعدم التورع فيها، والله الموفق والمستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى