صدقة جارية لأمي
سؤالي موجه إلى فضيلة الشيخ عبد الحي يوسف، حفظه الله. فضيلة الشيخ عبد الحي، أحييك بتحية الاسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، ونظراً لأنني أثق بعلمك وتقواك – ولا أزكيك على الله – أرجو أن تجيبني على هذا السؤال:
توفيت أمي – رحمها الله – قبل بضعة أسابيع، وكانت قد أعطتني، قبل وفاتها، ثلاث قطع من الذهب وقالت لي بأن أصرفها (أبيعها)، وقد وعدتها – في حياتها – بأن أصرفها وأعمل لها بها صدقة جارية (وقف مثلاً)، ووافقت رحمها الله علي ذلك. وقد قمت ببيع الذهيبات وكانت حصيلتها بضعة ملايين من الجنيهات (بالقديم).
أما وقد توفيت والدتي – رحمها لله – فهل لي أن أصرف المبلغ كما تم الاتفاق، أم أنه أصبح ضمن مال الورثة؟
وإن جاز لي أن أجعله لها في صدقة جارية، فأرجو أن تدلني على وقفٍ القائمين عليه من الثقات، وأنني أفضل أن أقوم بتسليم المبلغ مواد بناء (طوب – بلوك – أسمنت … ألخ) وليس نقداً. وقد نظرت في مشروعات منظمة المشكاة الخيرية من خلال موقعها على النت فرأيت مشروعات عدة احترت في أي منها أضع المبلغ وفق الشروط التي ذكرتها آنفاً، فأرجو أن تختار لي وقفاً أضع فيه مال أمي ليكون صدقة جارية لها. وجزاكم الله خير الجزاء.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله تعالى أن يعينك على بر الوالدة بعد مماتها، وأن يجعل جنة النعيم متقلبها ومثواها، أما بعد.
فإذا كان ذلك المال يمثل ثلث تركة الوالدة رحمها الله أو أقلَّ من ذلك فإنه يعتبر وصية يجب إنفاذها بعد موتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسـلم لما سأله الصحابي: هل بقي عليَّ شيء من بر أبويَّ بعد موتهما؟ قال صلى الله عليه وسـلم “إنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة رحمهما” ويعني بالعهد الوصية، أما إذا كانت أكثر من الثلث فما ينبغي إنفاذها إلا في حدود الثلث وما بقي يكون للورثة حسب القسمة المذكورة في كتاب ربنا جل جلالـه وسنة نبينا صلى الله عليه وسـلم.
والمشروعات الخيرية التي يمكن أن تكون صدقة جارية للوالدة رحمها الله كثيرة، وقد ثبتت الأحاديث بأحد عشر نوعاً أجملها السيوطي رحمه الله في قوله:
إذا مات ابن آدم ليس يجري عليه من فعال غير عشر
علوم بثها، ودعاء نجل، وغرس النخل، والصدقات تجري
وراثة مصحف، ورباط ثغر، وحفر البئر، أو إجراء نهر
وبيت بناه لابن السبيل يأوي إليه، أو بناء محل ذكر
وتعليم لقرآن كريم، فخذها من أحاديث بحصر
وفي منظمة المشكاة يمكنكم المساهمة في الوقف الخيري لها – في حي النزهة – والذي يرجى منه أن يدر على المنظمة ريعاً يمول أنشطتها الدعوية، والله الموفق والمستعان.