التشهد والقنوت
لك الشكر شيخنا ومعلمنا أبو عمر، لديَّ أسئلة:
- ما هي أقل عدد من الآيات يقرأ بها الإنسان في الصلاة بعد الفاتحة؟ وهنالك أناس بعد قراءة الفاتحة يقرؤون آية الكرسي ثم يركعون!
- وضح لنا ما يقرأ في التشهد الأول والثاني.
3.ما الفرق بين الطلاق والخلع؟
- هل يجوز للإنسان في القنوت في صلاة الصبح الدعاء بأشياء مثل أن يطلب زوجة صالحة وشفاء أو نحوه؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فعدد الآيات التي تقرأ بعد الفاتحة لم يرد تحديده في الشريعة؛ بل قال الله تعالى ((فاقروؤا ما تيسر من القرآن)) وقال النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته {إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن} لكن ينبغي أن يكون المقروء تام المعنى، وعليه فلا مانع من أن يقرأ الإنسان آية واحدة إن كان معناها تاماً؛ كآية الكرسي مثلاً، وكذلك الآية الأخيرة من سورة البقرة، أما إن لم يكن المعنى تاماً فما ينبغي له أن يقتصر عليها، وذلك كقوله تعالى ((والضحى)) أو قوله تعالى ((ص والقرآن ذي الذكر)) ونحو ذلك
وفي الجلوس الأول بعد الركعتين تأتي بالتشهد وصيغته يمكنك أن تتخير مما رواه الأئمة؛ فمن ذلك:
1ـ حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: علمني رسول الله التشهد ـ كفي بين كفيه ـ كما يعلمني السورة من القرآن: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله} متفق عليه. قال الترمذي: حديث ابن مسعود قد روي من غير وجه، وهو أصح حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد، وقد رواه عن النبي معه ابن عمر وجابر وأبو موسى وعائشة، وعليه أكثر أهل العلم، فتعين الأخذ به وتقديمه. وبه يقول الثوري وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وكثير من أهل المشرق
2ـ حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه علَّم الناس التشهد وهو على المنبر فقال {قولوا: التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات لله، الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله} رواه مالك في الموطأ. وهو أفضل التشهد عند مالك رحمه الله تعالى؛ لأن عمر قاله على المنبر بمحضر من الصحابة وغيرهم، فلم ينكروه فكان إجماعاً
3ـ حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن؛ فيقول {قولوا: التحيات المباركات، الصلوات الطيبات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله} أخرجه مسلم
وفي الجلوس الثاني تأتي بالتشهد الذي سبق ذكره ثم تصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحدى الصيغ المشروعة، ومن ذلك:
1ـ حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: قد علمنا أو عرفنا كيف نسلم عليك؛ فكيف نصلي عليك؟ قال {قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد؛ كما صليت على إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد} رواه البخاري ومسلم
2ـ حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال {قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى أزواجه وذريته؛ كما صلَّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد} رواه البخاري ومسلم
3ـ حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قلنا: يا رسول الله هذا السلام عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال {قولوا: اللهم صلِّ على محمد عبدك ورسولك؛ كما صلَّيت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم} رواه البخاري
4ـ حديث أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة؛ فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله عز وجل أن نصلي عليك يا رسول الله؛ فكيف نصلي عليك؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله؛ ثم قال رسول الله {قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم} رواه مسلم
قال النووي رحمه الله تعالى: وينبغي أن يجمع ما في الأحاديث الصحيحة السابقة فيقول: اللهم صلِّ على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.ا.هـ
وأما الفرق بين الطلاق والخلع؛ فإن الطلاق يكون برغبة من الزوج على غير عوض؛ وأما الخلع فإنه بطلب الزوجة ويكون في مقابل عوض، وكلاهما مشروع إن دعت لذلك حاجة؛ والطلاق إن كان رجعياً فإن الزوج يملك مراجعة الزوجة ما دامت في العدة ولو بغير رضاها؛ أما الخلع فلا يملك الزوج فيه الرجعة، بل يعد طلاقاً بائناً
والقنوت في صلاة الصبح يقتصر فيه على الصيغة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بأس أن يزيد المرء أحياناً بحسب الحاجة، لكن لا يتخذ ذلك عادة، والله تعالى أعلم.