رفع اليدين بالدعاء في الجمعة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، متعك الله بالصحة والعافية وزادك الله علماً ونوراً، السؤال هو: ما حكم رفع الأيادي عند دعاء الإمام في خطبة الجمعة؟ فهنالك إخوة لا يرفعون الأيادي في الدعاء فما الحكم؟ بارك الله فيكم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فمن آداب الدعاء رفع اليدين، وقد ثبتت بذلك جملة من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك:
- عن أنس رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى، ورفع يديه، وما في السماء قزعة؛ فثار سحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل من منبره حتى رأيت المطر يتحادر من لحيته} رواه البخاري ومسلم.
- في رواية للبخاري {فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو، ورفع الناس أيديهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون؛ فما خرجنا من المسجد حتى مطرنا، فما زلنا بمطر حتى كانت الجمعة الأخرى} وذكر تمام الحديث
- عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إن الله حيي كريم سخي؛ يستحي إذا رفع الرجل يديه إليه أن يردهما صفراً خائبتين} رواه أبو داود وقال: حديث حسن (والصفر) بكسر الصاد الخالي
- وعن أنس رضي الله عنه في قصة القراء الذين قتلوا قال : {لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم؛ يعني على الذين قتلوهم} رواه البيهقي بإسناد صحيح حسن
- وعن عائشة رضي الله عنها في حديثها الطويل في خروج النبي صلى الله عليه وسلم في الليل إلى البقيع للدعاء لأهل البقيع والاستغفار لهم قالت {أتى البقيع فقام؛ فأطال القيام؛ ثم رفع يديه ثلاث مرات؛ ثم انحرف قال: إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع وتستغفر لهم} رواه مسلم
- وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال {لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مد يديه؛ فجعل يهتف بربه؛ يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، فمازال يهتف بربه ماداً يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه} رواه مسلم
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما {أنه كان يرمي الجمرة سبع حصيات؛ يكبر على أثر كل حصاة، ثم يتقدم حتى يستقبل؛ فيقوم مستقبل القبلة؛ فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه؛ ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال؛ فيستقبل ويقوم طويلا؛ ويدعو ويرفع يديه؛ ثم يرمي الجمرة ذات العقبة ولا يقف عندها ثم ينصرف؛ فيقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله} رواه البخاري
- وعن أنس رضي الله عنه قال {صبَّح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بكرة، وقد خرجوا بالمساحي؛ فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه، وقال: الله أكبر خربت خيبر} رواه البخاري
- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال {لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، وذكر الحديث وأن أبا عامر رضي الله عنه استشهد فقال لأبي موسى : يا ابن أخي أمرني النبي صلى الله عليه وسلم فقل له: استغفر لي، ومات أبو عامر، قال أبو موسى: فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته؛ فدعا بماء فتوضأ؛ ثم رفع يديه فقال {اللهم اغفر لعبدك أبي عامر} ورأيت بياض إبطيه ثم قال {اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك ومن الناس} فقلت: ولي فاستغفر؛ فقال {اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريماً} رواه البخاري ومسلم
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام فأنى يستجاب لذلك} رواه مسلم
- وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة؛ فجاء المؤذن إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ فقال: نعم. قال: فصلى بهم أبو بكر رضي الله عنه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في الصلاة فتخلص؛ حتى وقف في الصف فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت؛ فالتفت أبو بكر رضي الله عنه فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اثبت مكانك؛ فرفع أبو بكر يديه رضي الله عنه فحمد الله تعالى على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك} رواه البخاري ومسلم
- وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو رافعاً يديه يقول {إنما أنا بشر فلا تعاقبني، أيما رجل من المؤمنين آذيته أو شتمته فلا تعاقبني فيه} رواه البخاري
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة وتهيأ ورفع يديه وقال {اللهم اهد دوساً وأتِ بهم} رواه البخاري
- وعن جابر رضي الله عنه {أن الطفيل بن عمرو قال للنبي صلى الله عليه وسلم: هل جابر في حصن حصين ومنعة؟ وذكر الحديث في هجرته مع صاحب له، وأن صاحبه مرض فجزع؛ فجرح يديه فمات فرآه الطفيل في المنام فقال: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأن يديك؟ قال: قيل: لن يصلح منك ما أفسدت من نفسك. فقصها الطفيل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال {اللهم وليديه فاغفر – رفع يديه} رواه البخاري
- وعن علي رضي الله عنه قال: جاءت امرأة الوليد إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه زوجها أنه يضربها فقال: اذهبي إليه فقولي له {كيت وكيت، أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول} فذهبت ثم عادت فقالت: إنه عاد يضربني فقال {اذهبي فقولي له كيت وكيت} فقالت: إنه يضربني فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقال {اللهم عليك الوليد} رواه البخاري
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعاً يديه حتى بدا ضبعاه يدعو لعود عثمان رضي الله عنه} رواه البخاري
- وعن محمد بن إبراهيم التيمي قال: أخبرني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند أحجار الزيت باسطاً كفيه} رواه البخاري
- وعن أبي عثمان قال: كان عمر رضي الله عنه يرفع يديه في القنوت. رواه البخاري
- وعن الأسود أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يرفع يديه في القنوت. رواه البخاري
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: هذه الأحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفي المسألة أحاديث كثيرة غير ما ذكرته، وفيما ذكرته كفاية، والمقصود أن يعلم أن من ادعى حصر المواضع التي وردت الأحاديث بالرفع فيها فهو غالط غلطاً فاحشاً، والله تعالى أعلم.
وعليه فإن رفع اليدين مطلوب سواء كان في التأمين على دعاء الإمام يوم الجمعة أو عقيب مجلس علم، ولا يستثنى من ذلك إلا الإمام على المنبر يوم الجمعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يرفع يديه بل يشير بأصبعه صلوات الله وسلامه عليه، والله تعالى أعلم.