صوم كفارة اليمين مع ست من شوال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ سؤالى هو أننى قبل رمضان أقسمت بأننى سوف لن أفعل أمراً، وهذا القسم كان فى حالة غضب ثم بعد ذلك تراجعت وأتممت هذا الأمر، ونويت صيام كفارة هذا القسم مع نية صيام الست من شوال فهل هذا صحيح؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وما ينبغي لك اللجوء إلى الصيام إلا إذا عجزت عن الخصلتين المذكورتين؛ لأن الله تعالى قال {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} فإن كنت من أهل السعة فلا يجزئك الصيام الذي فعلته بل عليك الإطعام أو الكسوة، وأنت مخيَّر بينهما.
أما الجمع بين صيام مفروض – كقضاء رمضان أو صيام نذر أو كفارة – وبين ست من شوال فقد اختلف فيه أهل العلم، والذي عليه جمهورهم أن ذلك لا يجزئ عن الفرض، بل قال بعضهم – كابن حزم – إنه لا يجزئ لا عن فرض ولا نفل، بل يقع باطلاً في كليهما، قال رحمه الله: ومن مزج نية صيام فرض بفرض آخر أو تطوُّع، أو فعل ذلك في صلاة أو زكاة أو حج أو عمرة أو عتق لم يُجْزِه لشيء من ذلك وبطل ذلك العملُ كلُّه، صوماً كان أو صلاة أو زكاة أو حجاً أو عمرة أو عتقاً إلا مزج العمرة بالحج لمن أحرم ومعه الهدي فقط فهو حكمه اللازم له.ا.هـــــ
وهذه هي المسألة التي يسميها علماؤنا رحمهم الله تعالى (التشريك في النية) وخلاصة ما ذكروه أن التشريك يصح في الوسائل أو فيما يتداخل؛ كما لو اغتسل الجنب يوم الجمعة بنية رفع الجنابة وغسل الجمعة معاً، فترتفع جنابته ويحصل له ثواب غسل الجمعة. وكذلك لو كانت إحدى العبادتين مقصودةً لذاتها والأخرى غير مقصودة كما لو دخل داخلٌ المسجد فصلَّى سنة الفجر ونوى معها تحية المسجد، إذ الأخيرة غير مقصودة لذاتها وإنما المقصود شغلُ المكان بالصلاة وقد حصل، بخلاف ما لو كانت العبادتان مقصودتين لذاتهما كمن أراد قضاء سنة الفجر بعد طلوع الشمس ونوى معها سنة الضحى فلا يصح؛ إذ كل واحدة منهما مستقلة عن الأخرى مطلوبة لذاتها، ولذا فالأحوط أن تعيد الصيام على نية الكفارة وحدها، والله تعالى أعلم.