حديث موضوع في خطبة الجمعة
إذا ذكر الإمام في خطبة الجمعة حديثا ضعيفاً أو مكذوباً ـ وما أكثرَها في حياتنا ـ هل يجوز إخباره أثناء الخطبة بذلك؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فيجوزُ الفتحُ على الإمامِ والخطيبِ فيما يتعلَّقُ بتصحِيحِ الآيات، وأما طَرْحُ القضايا العِلمية وبيانُ الأدِلةِ الحديثية ومُناقَشةُ صِحتِها وضعفِها؛ فيكون بعد انقِضاءِ الصلاة، مع مُراعاةِ اللُّطفِ والرِّفقِ في النصيحة، وأنْ لا يكونَ الإنكارُ في مسألةٍ جرى فيها خلافٌ مُعتَبَرٌ بين أهلِ العلم، وأنْ يَتِمَّ تحقيقُ المسألة عِلمياًّ؛ فلا يكون بِمُجرَّد وُرودِ حديثٍ في موضوعاتِ ابنِ الجوزي مثلا؛ لِتَساهُلِه في الحكمِ بالوضعِ. والخلاصةُ أنَّ مُناقشةَ الخطيب في القضايا العِلمية قد يُشَوِّشُ على المصلِّين ويؤدِّي إلى مفسدةٍ، وأما سؤالُ التعليم فجائزٌ، كما روى مسلمٌ رحمه الله في كتاب الجمعة، باب (حَدِيثِ التَّعْلِيمِ فِي الْخُطْبَةِ) عن أبي رِفَاعَةَ رضي الله عنه قَال {انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ؛ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ؟ قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا قَالَ: فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا} قال النووي رحمه الله: “فِيهِ اِسْتِحْبَابُ تَلَطُّفِ السَّائِل فِي عِبَارَتِه وَسُؤَالِه الْعَالِم. وَفِيهِ تَوَاضُع النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرِفْقُه بِالْمُسْلِمِين وَشَفَقَتُه عَلَيْهِمْ، وَخَفْض جَنَاحه لَهُمْ. وَفِيهِ الْمُبَادَرَة إِلَى جَوَاب الْمُسْتَفْتِي وَتَقْدِيم أَهَمّ الْأُمُور فَأَهَمّهَا، وَلَعَلَّهُ كَانَ سَأَلَ عَنْ الْإِيمَان وَقَوَاعِده الْمُهِمَّة. وَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ يَسْأَل عَنْ الْإِيمَان وَكَيْفِيَّة الدُّخُول فِي الْإِسْلَام وَجَبَ إِجَابَته وَتَعْلِيمه عَلَى الْفَوْر”. [شرح النووي على مسلم 3/263].