تمباك في فم الصائم
السلام عليكم أرجو منكم سرعة الرد على سؤالي علماً بأنني بحثت في مكتبة الفتاوى ولم أجد جواباً، وسؤالي هو: في رمضان قبل الماضي نمت وأنا سافي تمباك وصحيت بعد الأذان الثاني بربع ساعة وطلعت التمباك من فمي وواصلت يومي، وحصل لي نفس الشيء في رمضان الماضي وكذلك واصلت يومي، هل صيامي صحيح وهل عليَّ أن أقضي هذه الأيام ماذا أفعل؟ أرجو منكم سرعة الرد على سؤالي والدعاء لي ولكم بالتوفيق من الله تعالى..
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فالواجب عليك أيها السائل التوبة إلى الله تعالى من تناول التمباك لأنه مادة محرمة، لا يحل تناولها ولا إهداؤها ولا الاتجار فيها؛ وذلك لأدلة شرعية، منها:
1ـ قول الله تعالى في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم {يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلُّ لهم الطيبات ويحرِّم عليهم الخبائث} والعقلاء متفقون على كون التمباك خبيثاً في شكله وريحه وأثره
2ـ قوله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم} وقد ثبت ـ طباً ـ أن تناول التمباك سبب في الإصابة بسرطان اللثة المؤدي إلى الوفاة
3ـ قوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} قال صاحب المنار رحمه الله تعالى: قال بعضهم: يدخل فيه الإسراف الذي يوقع صاحبه في الفقر المدقع، فهو من قبيل {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} المنار2/213
4ـ قوله تعالى {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} ووجه الدلالة من الآية أن الله تعالى نهى عن الإسراف في المباحات بمجاوزة الحد في تعاطيها، فمن باب أولى يكون النهي عن صرف المال فيما لا نفع فيه. قال الإمام أبو محمد بن حزم في المحلى: مسألة 1027: السرف حرام وهو:
- النفقة فيما حرم الله تعالى قَلَّت أو كثرت ولو أنها قدر جزء من جناح بعوضة
- أو التبذير فيما لا يحتاج إليه ضرورة، مما لا يبقى للمنفق بعده غنى
- أو إضاعة المال وإن قلَّ برميه عبثاً
ومتعاطي التمباك قد تناوله كلام الإمام ابن حزم رحمه الله لكونه ينفق فيما حرَّم الله تعالى ويضيع المال بإنفاقه عبثاً في غير فائدة.
5ـ قوله تعالى {ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} وإنفاق المال في التمباك تبذير من حيث كونه إفساداً
ومن السنة المطهرة:
1ـ قوله صلى الله عليه وسلم «وأنهاكم عن ثلاث:قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» رواه البخاري. وإنفاق المال في التمباك إضاعة له لأنه صرف له فيما لا فائدة فيه
2ـ قوله صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار» أخرجه الإمام أحمد وغيره وهو في صحيح الجامع (7517) فثبت أن كل ما غلب ضرره على نفعه فتناولُه حرام، وتناول التمباك موجب للضرر بمتناوله ومن يحيطون به من زوج وعيال وزملاء.
3ـ روى الإمام أحمد وأبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن كل مسكر ومفتِّر» قال العلماء: المفتِّر: ما يورث الفتور والخدر في الأطراف، وهذا الأثر يحدث لمتعاطي التمباك خاصة في أول أمره
ومن النظر الصحيح:
- تناول التمباك يهدم بعض الكليات التي جاءت الشريعة بالمحافظة عليها وهي النفس والمال
- متعاطي التمباك إن فَقَدَه ضاق صدره وكثرت عليه البلابل والأفكار ولا ينشرح صدره إلا بالعودة إلى تناوله
- متعاطي التمباك يستثقل الصوم جداً؛ لأنه حرمان له من تناوله بعد طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فيكون الصوم مكروهاً لديه
- ما يصحب هذا الشيء الخبيث من نتن الرائحة المؤذية لمن يحيطون بمن يتناوله
وعليه فإن الواجب عليك التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن تناول هذه المادة الخبيثة، كما أن عليك قضاء تلك الأيام التي طلع عليك فجرها وهذه المادة في فمك، والله تعالى أعلم.