انت ومالك لأبيك
أرجو شرح الحديث النبوي الشريف بما معناه (أنت ومالك لأبيك) ما معناه؟ هو يجوز للوالد أن يحوز على جهد ومكتسبات الأبناء عنوة؟ أم هناك ضوابط وشروط لذلك؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
هذا الحديث أخرجه ابن ماجه من حديث جابر رضي الله عنه قال الدارقطني: غريب تفرد به عيسى بن يونس بن أبي إسحاق، ويوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق عن ابن المنكدر. وقال ابن القطان: إسناده صحيح. وقال المنذري: رجاله ثقات. وله طريق أخرى عن جابر عند الطبراني في “الصغير” والبيهقي في “الدلائل” فيها قصة مطولة. وفي الباب عن عائشة في “صحيح ابن حبان” وعن سمرة وعن عمر كلاهما عند البزار، وعن ابن مسعود عند الطبراني، وعن ابن عمر عند أبي يعلى، فمجموع طرقه لا تحطه عن القوة، وجواز الاحتجاج به، قال ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح.
وقد تأول أهل العلم رحمهم الله ـ كابن بطال والباجي وغيرهما ـ هذا الحديث بأن مراده صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك أي في البر والمطاوعة لا في اللازم ولا في القضاء؛ وسبب ورود هذا الحديث ـ كما في رواية أبي داود وغيره ـ أن رجلاً قال: يا رسول الله: إن والدي يجتاح مالي؟ فقال {أنت ومالك لأبيك} قال الخطابي رحمه الله: معناه يستأصله فيأتي عليه. ويشبه أن يكون ما ذكره السائل من اجتياح والده ماله إنما هو بسبب النفقة عليه، وأن مقدار ما يحتاج إليه للنفقة عليه شيء كثير لا يسعه عفو ماله والفضل منه، إلا أن يجتاح أصله ويأتي عليه، فلم يعذره النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرخص له في ترك النفقة وقال له {أنت ومالك لوالدك} على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منك قدر الحاجة؛ كما يأخذ من مال نفسه، وإذا لم يكن لك مال وكان لك كسب لزمك أن تكتسب وتنفق عليه، فإما أن يكون أراد به إباحة ماله واعتراضه حتى يجتاحه ويأتي عليه لا على هذا الوجه فلا أعلم أحدا من الفقهاء ذهب إليه، والله أعلم.ا.هــــــــــــ
وعليه فلا يجوز للأب أن يتسلط على أموال أولاده ليأخذها عنوة؛ احتجاجاً بهذا الحديث، بل عليه أن يأكل بالمعروف إن احتاج، وعلى الأولاد أن يسعوا بكل سبيل في بر آبائهم والإنفاق عليهم فإن في ذلك خير الدنيا والآخرة، والعلم عند الله تعالى