الظفر بالحق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف وجزاك الله عنا وعن المسلمين كل خير، وبعد.
سؤالي بارك الله فيك هو:
أني أعمل في شركة خاصة في دولة عربية مسلمة لأكثر من 15 سنة، وخلال هذه الفترة كنت أعمل باجتهاد وذلك بشهادة جميع الموظفين، لكن جميع المدراء العامين كانوا وما زالوا لا يعلمون من الذي يعمل بجد من غيره، وفي بعض الأحيان يعلمون ولكن لأجندة خاصة واستغلالاً لنظام الكفالة المجحف المطبق في تلك الدولة لا يعدِلون أوضاع الموظفين الجيدين، باختصار هناك ظلم شديد وأنا من هؤلاء المظلومين لأن كثيراً ممن تم تعيينهم بعدي وكانوا زملاء دراسة ترقوا وصاروا مدراء لي (ترقوا على أكتافي) كما يقول لي الزملاء الآخرون. لذلك قدمت استقالتي مرات كثيرة طيلة ال 3 سنوات الماضية وحتى الآن ولكن كانت ترفض الاستقالة ويتجاهلونها أحياناً. وأحياناً أفكر أن أسافر إجازة ولا أرجع لكن مستحقاتي كانت تحول دون ذلك. وكثير من العاملين ذهبوا إجازات إلى بلدانهم ولم يرجعوا. وحتى إذا قبلوا الاستقالة يتأخرون في دفع المستحقات مما يؤدي ذلك إلى خسارة كبيرة للموظف نتيجةً للصرف بدون عمل(يكون العامل متوقف عن العمل ومنتظر المستحقات).
هل يجوز لي أن آخذ قرض من بنك له هيئة شرعية ولكن بزيادة من 10% الى 20% ومصاريف إدارية (على أن يمنحني صاحب العمل خطاب تعريف البنك ويذكر فيه أنه لا يتحمل الدفع ما دمت على رأس العمل ولكن عند سفري وعدم عودتي يتحمله وذلك بدفعه من مستحقاتي)، وقيمة إجمالي سداده تساوي أو أقل من مستحقاتي، على أن أذهب إجازة سنوية الى السودان ولا أرجع؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله تعالى أن يطعمك حلالاً ويستعملك صالحا، أما بعد.
فالواجب عليك مطالبة كفيلك بحقوقك التي ينص عليها العقد المبرم بينك وبينه، وكذلك التي يكفلها لك النظام المعمول به في مكتب العمل؛ فإن بدا منه تلكؤ ورغبة في أكلها فلا حرج عليك في أن تأخذها بغير علمه ما لم يترتب على ذلك ضرر يلحق بك، وهذه المسألة يسميها علماؤنا: الظفر بالحق، فلك أن تأخذ حقك دون زيادة، ولا يحل لك أن تلجأ إلى هذه الوسيلة لمجرد ظنك أن الكفيل لن يوفيك حقك أو لأنه فعل ذلك مع غيرك؛ فربما قام هذا الغير بما يستحق معه ذلك الفعل من خيانة للأمانة أو عدم وفاء بما ينص عليه العقد بينهما.
وأما البنك الذي يقرض الناس بزيادة ولو كانت تلك الزيادة 1% فإنها ربا محرم؛ لعن النبي صلى الله عليه وسـلم آكله وموكله، ولا يغني شيئاً أن يكون للبنك هيئة تجيز ذلك؛ فإن الفوائد المصرفية من الربا المحرم بإجماع من يعتد به من العلماء المعاصرين، لكن لو تيسر لك الظفر بحقوقك بغير هذه الوسيلة فافعل، والله الموفق والمستعان.