الوتر ثلاثا متواليات
هل يمكن أن أصلي الشفع والوتر في ثلاث ركعات متتالية؟ وهل يمكن أن أصلي سنة الظهر أربع ركعات بجلوس واحد؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فإن لصلاة الوتر كيفيات متعددة كلها ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اعتنى بإيرادها الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد، ومنها ما ذكرته في سؤالك، فلا حرج عليك في أن تصلي الوتر ثلاثاً متصلات بتشهد واحد ثم السلام، ولا تجلس للتشهد بعد اثنتين ثم تقوم لثالثة فتتشهد وتسلم لئلا تكون صلاة الوتر كالمغرب وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تشبيه النفل بالفرض.
أما سنة الظهر فالأفضل أن تسلِّم فيها بعد كل ركعتين؛ لما رواه البخاري رحمه الله في صحيحه قال: {باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى} ويذكر ذلك عن عمار وأبي ذر وأنس وجابر بن زيد وعكرمة والزهري رضي الله عنهم وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: ما أدركت فقهاء أرضنا إلا يسلِّمون في كل اثنتين من النهار. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: اختار الجمهور التسليم من كل ركعتين في صلاة الليل والنهار. وقال الأثرم عن أحمد: الذي أختاره في صلاة الليل أنها مثنى مثنى فإن صلى بالنهار أربعاً فلا بأس. ورجح الإمام أبو حنيفة رحمه الله أن تكون أربعاً بالليل والنهار؛ استدلالاً بحديث عائشة رضي الله عنها في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل حيث قالت: {ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة؛ يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن؛ ثم يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن؛ ثم يصلي ثلاثاً، قالت عائشة: فقلت يا رسول الله: أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي} رواه البخاري ومسلم، واختلافهم رحمهم الله اختلاف أولوية والأمر في ذلك واسع إن شاء الله؛ لكن الأفضل أن تسلم من كل ركعتين في صلاة الليل والنهار، والعلم عند الله تعالى.