عدة الطلاق لمن لا تحيض
من المعلوم أنه لا يجوز طلاق المرأة أثناء الحيض أو في طهر مسها فيه، لكنه يقع ويأثم الزوج. السؤال هو: متى يطلق الزوج امرأته إذا كانت لا تحيض لصغر سن أو كبره أو لمرض فيها، وكذلك من كان حيضها غير منتظم، فمرة كل شهرين ومرة كل أربعة أشهر مثلاً، بعد أن كان منتظماً كل شهر، وما عدة هذه الأخيرة؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
أولاً: لا يجوز للمسلم طلاق امرأته وهي حائض أو نُفَسَاء أو في طهر جامعها فيه؛ لما رواه الشيخان من حديث سالم {أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر عمر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيَّظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلِّقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها؛ فتلك العدة كما أمر الله جل جلاله}
ثانياً: الطلاق الموقع في الحيض معدود؛ فإذا كان واحدة وإن كان اثنتين عُمل بمقتضاهما سواء ارتجع أو لم يرتجع؛ لما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال {حسبت عليَّ بتطليقة}
ثالثاً: طلاق الصغيرة التي لا تحيض أو الكبيرة التي انقطع عنها دم الحيض لا حرج فيه، إذ طلاق المرأة في حيضها أو نفاسها ممنوع لما فيه من ضرر بتطويل العدة عليها، وهذا المحظور منتف في حق الكبيرة والصغيرة اللتين لا تحيضان؛ لأن عدتهما بالشهور لا بالأقراء؛ لقوله تعالى )واللائي يئسن من المحيض من نسائكم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن(
رابعاً: إذا كانت المطلقة من ذوات الحيض لكن حيضها غير منتظم كما ورد في السؤال، فإنها لا تنقضي عدتها حتى يمر عليها ثلاثة قروء وإن طالت؛ لأنها لم يرتفع حيضها بعد، فهي من ذوات القروء ولا يمكن عدها من اللائي يئسن من المحيض، أما إذا ارتفع حيضها ولا تدري ما الذي رفعه فإن قضاء عمر رضي الله عنه أنها تعتد سنة؛ تسعة أشهر منها تتربص فيها لتعلم براءة رحمها؛ لأن هذه المدة هي غالب مدة الحمل، فإذا لم يبن الحمل فيها علم براءة الرحم ظاهراً؛ فتعتد بعد ذلك عدة الآيسات ثلاثة أشهر، قال الشافعي رحمه الله: هذا قضاء عمر بين المهاجرين والأنصار، لا ينكره منهم منكر علمناه. وبه قال مالك والشافعي في أحد قوليه، والعلم عند الله تعالى.