الإعتراض على حكم من أحكام الشريعة
أحب الرسول صلى الله عليه وسلم وأحب سنته، وكنت أطبق صغيرها وكبيرها بكل حب وشغف وأغضب ممن لا يطبقها، ولكن أعاني من آفة ومصيبة عظيمة وهي أن قلبي كان فيه شيء من عدم الرضا عن حكم واحد من الأحكام التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من نعم الله عليَّ أن ابتلاني ببلاء جعلني أعرف الحكمة من هذا الأمر الذي كنت أعترض عليه، وعرفت أنه ليس هناك شيء عبث في هذا الدين، وحمدت الله أن جعل ذلك الحكم في ديننا الحنيف، واستغفرت الله فهل يؤثر ذلك في عقيدتي ويعتبر تعدياً على الرسول صلى الله عليه وسلم ويخرجني من دائرة الإسلام؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فأسأل الله أن يرزقني وإياك إيماناً صادقاً ويقيناً ليس بعده كفر ورحمة ننال بها شرف كرامته في الدنيا والآخرة، وأنت مأجور إن شاء الله على حبك للسنة وتطبيقك ما استطعت من أحكامها وآدابها، ثم اعلم أيها الأخ الكريم أن شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتضي تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وفي هذا قول الله جل جلاله {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما} قال ابن كثير رحمه الله تعالى: يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً ولهذا قال {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} أي إذا حكَّموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجاً مما حكمت به وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليماً كلياً من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة كما ورد في الحديث {والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لم جئت به} أ.هـ وإذا تعارض عقلك مع حكم مما ورد في الكتاب أو السنة فاتهم عقلك، واعلم أن الوحي معصوم وأن الحال كما قال ربنا {وفوق كل ذي علم عليم} فارجع إلى أهل العلم وسلهم تجد شفاء مما تجد، وما دمت قد رجعت عما كان في نفسك وتبت إلى الله تعالى مما كان فلا حرج عليك وقد قال سبحانه {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} والله الهادي إلى سواء السبيل.