صبغ الشعر بالسواد
هل وردت أقوال مختلف فيها حول الصبغ باللون الأسود، وقد ظهرت حنا مصطنعة باللون الأسود ويحتج بعض الناس بأنها حناء؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فقد ورد في استحباب تغيير الشيب أحاديث منها ما أخرجه الشيخان من حديث ابن عباس رضي الله عنه بلفظ (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم) وعند الترمذي بلفظ (غيِّروا الشيب ولا تشبَّهوا باليهود) وعند أبي داود والترمذي ـ وحسَّنه ـ والنسائي وابن ماجه من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن أحسن ما غُيِّر به هذا الشيب الحناء والكتم) وأخرج أبو داود والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما (أنه كان يصبغ لحيته بالصفرة ويقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بها، ولم يكن أحب إليه منها، وكان يصبغ بها ثيابه)
وقد نقل النووي رحمه الله في المجموع اتفاق العلماء على ذم خضاب الرأس أو اللحية بالسواد. ثم ذكر اختلاف العلماء في القول بالكراهة أو الحرمة، وصحح القول بالتحريم فقال: والصحيح بل الصواب أنه حرام، إلا أن يكون في الجهاد، ودليل تحريمه حديث جابر رضي الله عنه قال: (أتي بأبي قحافة والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيِّروا هذا واجتنبوا السواد) رواه مسلم في صحيحه. والثغامة بفتح الثاء المثلثة وتخفيف الغين المعجمة نبات له ثمر أبيض وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة) رواه أبو داود والنسائي وغيرهما. وفي المغني لابن قدامة رحمه الله: قيل لأبي عبد الله ـ يعني الإمام أحمد ـ تكره الخضاب بالسواد؟ قال: إي والله.
وقد نقل عن جماعة من السلف أنهم كانوا يصبغون بالسواد منهم عثمان والحسن والحسين وعقبة بن عامر وابن سيرين وأبي بردة وآخرين رضي الله عنهم، وعلى فرض ثبوت ذلك عنهم فإنه لا ينهض لمعارضة النهي الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا ولا فرق في المنع من الخضاب بالسواد بين الرجل والمرأة والشاب والشيخ لعدم ورود مخصص، والعلم عند الله تعالى.