أحكام الصيام

الأكل والشرب في نهار رمضان

ما حكم من أكل أو شرب عمداً في نهار رمضان؟ وما حكم من فعل ذلك ناسياً؟

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فمن أكل أو شرب عمداً في نهار رمضان فقد بطل صومه باتفاق أهل العلم، وأثم إثماً كبيراً واحتقب وزراً عظيماً، ويجب عليه أن يرجع إلى الله بتوبة نصوح، ويجب عليه القضاء باتفاق، ويجب عليه مع القضاء الكفارة عند الحنفية والمالكية وذلك بصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً أو عتق رقبة؛ لما ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت! قال {ما لك؟} قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {هل تجد رقبة تعتقها؟} قال: لا. قال {فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين} قال: لا. فقال {فهل تجد إطعام ستين مسكينا} قال: لا. قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر والعرق المكتل قال {أين السائل؟} فقال: أنا. قال {خذها فتصدق به} فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها ـ يريد الحرتين ـ أهل بيت أفقر من أهل بيتي! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال {أطعمه أهلك} وقد قال الحنفية والمالكية بعدم الفرق بين من أفطر بجماع ومن أفطر بطعام أو شراب، أما الشافعية والحنابلة فقد ذهبوا إلى أن هذه الكفارة خاصة بمن أفطر بجماع أما من أفطر بغيره فليس عليه سوى القضاء. وكلا الفريقين يستدل بحديث أبي هريرة السابق، لكنهم يختلفون في تنقيح مناط الحكم هل هو انتهاك حرمة الشهر بإفساده بخصوص الجماع عمداً، أو هو انتهاكه بإفساد صومه عمداً مطلقاً ولو بطعام أو شراب؟

أما من أكل أو شرب ناسياً فليس عليه شيء في قول جمهور العلماء؛ لما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه} رواه الجماعة. أما المالكية فيقولون بوجوب القضاء على من أكل أو شرب ناسياً؛ ويتأولون الإتمام في الحديث السابق بالتمادي في صيام اليوم؛ لأن السهو يرفع الإثم ولا يسقط الحكم؛ ويقيسون الناسي في الصوم على الناسي في الصلاة، والراجح هو قول الجمهور؛ لما رواه الحاكم {من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء ولا كفارة} قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في بلوغ المرام: وهو صحيح.

وبذلك يتبين أن الناسي لا شيء عليه بدلالة نفي القضاء عنه والكفارة، وهذا الذي يتفق مع نصوص الشريعة؛ لقوله تعالى )ربنا لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا( وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال: قد فعلت. والله تعالى أعلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى