أحكام الزكاة والصدقة

الرجوع عن الوقف

اشتريت قطعة أرض عام 1990 بمنطقة الشقلة ـ الحاج يوسف ـ الخرطوم بحري، أوقفت هذه القطعة لأي عمل إسلامي ـ مسجد ـ خلوة لتحفيظ القرآن وخلافه، سعيت لدى عدة جهات لتشييدها ولم أنجح، ظلت هذه القطعة كما هي حتى الآن أرضاً بدون بناء؛ تغيرت حالتي المادية حيث إنني أؤجر منزلاً بمبلغ خمسين ألف دينار، ودكاناً هو مغلق الآن بسبب سوء الحالة المادية بمبلغ خمسة وأربعين ألف دينار، أمتلك قطعة أرض أخرى ولا يوجد بها بناء، ومزرعة بضواحي الخرطوم بحري غير منتجة ولم أجد من يشتريها. عليه أرجو من سيادتكم إصدار فتوى إن كان يمكن لي الرجوع عن هذا الوقف لحل مشاكلي المادية، وهناك النية في إعادته مرة أخرى إذا وفقني الله؟

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فإن الوقف من خير الأعمال الفاضلة التي يرجى من ورائها الأجر العظيم والثواب الكبير،  وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له} رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقد عمل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم بهذا الحديث كما قال جابر رضي الله عنه {ما بقي من الصحابة ذو قدرة إلا أوقف} فالواقف يرجو ما عند الله من أجر وثواب إيثاراً للباقية على الفانية، والأصل أن الوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث؛ دل على ذلك حديث عمر رضي الله عنه في الصحيحين، حيث قال: يا رسول الله، إني أصبت مالاً بخيبر لم أصب قط مالاً أنفس عندي منه؛ فما تأمرني فيه؟ قال {إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث} وعليه فإن الوقف من العقود اللازمة التي لا يجوز فسخها؛ لأنها مؤبدة، فلا يجوز الإقدام على بيع ولا على شراء ولا استبدال الأرض الموقوفة، ويستثنى من ذلك ما إذا دعت الضرورة لبيع الوقف أو استبداله لعدم صلاحيته لما وقف من أجله، أو للخوف عليه أو نحو ذلك من المصالح المعتبرة التي تستدعي بيعه أو استبداله، فحينئذ يجوز لواقفه أو ناظره بيعه من أجل المصلحة وكذلك يجوز شراؤه واستبداله.

وقد ورد في سؤالك أنك تملك أرضاً أخرى ومزرعة فلعل الله يجعل غناك فيهما، ويغير ما بك من فاقة وحاجة إلى غنى وسعة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وأما قولك بأنك لم تجد من يبني تلك الأرض الموقوفة ويحقق الغرض الذي من أجلها وقفت، فليس هذا عذراً يبيح لك الرجوع عن الوقف؛ فإن الأمر ييسَّر متى ما أراد الله، ونسأل الله أن يغنيك من فضله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى