أحكام الحج والعمرة

إحرام الحائض والنفساء

إذا دخلت المرأة الميقات المكاني وهي غير طاهرة فكيف يكون إحرامها؟

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فإذا وصلت المرأة إلى الميقات المكاني للإحرام بالنسك وكانت حائضاً أو نفساء؛ فإنها تغتسل وتحرم بالنسك الذي أرادت، وتأتي بالأفعال كلها سوى أنها تؤخر الطواف بالبيت لحين الطهر؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت {نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر يأمرها أن تغتسل وتهل} قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم: فيه صحة إحرام النفساء والحائض، واستحباب اغتسالهما للإحرام، وهو مجمع على الأمر به، لكن مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة والجمهور أنه مستحب، وقال الحسن وأهل الظاهر: هو واجب، والحائض والنفساء يصح منهما جميع أفعال الحج إلا الطواف وركعتيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم {اصنعي ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي}أ.هـ والحديث الذي ذكره النووي رحمه الله تعالى هو ما رواه أبو داود من حديث جابر رضي الله عنه قال: ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة فوجدها تبكي؛ فقال ما شأنك؟ قالت: شأني أني قد حضت وقد حل الناس ولم أحلل، ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن. فقال {إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج}.

وعليه فإذا كانت المرأة مريدة للعمرة فأصابها دم حيض أو نفاس قبل بلوغها الحرم فإنها تبقى على إحرامها إلى حين طهرها، وعليها في تلك الحال أن تجتنب محظورات الإحرام، وبعد طهرها تشرع في الطواف وتكمل عمرتها.

وعلى رفقة هذه المرأة أن ينتظروها ويحتبسوا عليها حتى تكمل نسكها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم أن صفية بنت حيي رضي الله عنها حاضت قال {أحابستنا هي؟} فدل ذلك على أن محرمها أو رفقتها واجب عليهم انتظارها حتى تطهر وتكمل نسكها، وإذا كان الانتظار يشق عليهم إما لنفاذ نفقتهم أو لتعسر سكنهم أو ما أشبه ذلك من الأعذار، وكان بقاء هذه المرأة بعد رفقتها غير ممكن، فإن عليها أن تتحفظ وتطوف بالبيت وتهدي شاة تُذبح في الحرم لجبر ما فات من واجب، وهذا الذي أفتى جماعة من أهل العلم الأقدمين والمحدثين استدلالاً بعمومات الشريعة القاضية برفع الحرج كقوله تعالى {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} وقوله سبحانه {فاتقوا الله ما استطعتم} ولأن الواجبات الشرعية تسقط بالعجز، والعلم عند الله تعالى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى