حكم شراء الكُلى
أنا الموقع أدناه مريض بفشل الكليتين، وقد أشار عليَّ الأطباء المختصون بنقل كلية سليمة بأسرع فرصة ممكنة؛ ولقد علمت بأن جهات مثل الهند وباكستان بها كلى جاهزة معروضة للبيع، وعليه فإنني أطلب فتوى بهذا الشأن حتى أكون على بينة من أمر ديني في هذا الموضوع؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
أولاً: نسأل الله لك شفاء عاجلاً غير آجل، وأن يبدلك لحماً خيراً من لحمك ودماً خيراً من دمك، ولك البشرى في قوله صلى الله عليه وسلم {لا يصيبُ المؤمنَ همٌ ولا حزنٌ ولا نصبٌ ولا وصبٌ ولا أذى إلا كُفِّر عنه} رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقوله صلى الله عليه وسلم {عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له؛ وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له} رواه مسلم من حديث صهيب رضي الله عنه؛ فعليك بالصبر الجميل حتى يفرِّج الله همك وينفِّس كربك.
ثانياً: نقل الكلية من شخص سليم يتبرع بها ـ بغير عوض ـ إلى شخص مريض قد أجازه علماء المسلمين في مجامعهم الفقهية بشرط غلبة الظن بنجاح عملية الزرع، وعدم حصول ضرر على الشخص المنقول منه العضو، والمتبرِّع مأجور؛ لأنه داخل في قوله تعالى {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} وقوله صلى الله عليه وسلم {من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل} رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ ولأن في عمله هذا إنقاذاً لمعصوم وإزالةً لضرر واقع، وهذا كله من المقاصد الشرعية المعتبرة.
ثالثاً: لا يجوز للشخص المتبرِّع بعضو من أعضائه أن يفعل ذلك على سبيل البيع؛ لأن هذه الأعضاء ليست ملكاً له، بل هي لخالقها جل جلاله، وإذا لم يجد المريض حاجته إلا بواسطة البيع وكان مضطراً لذلك؛ فلا حرج عليه في شرائها؛ لعموم قوله تعالى {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} وقياساً على من كان في مخمصة وحل له أكل الميتة أو الخنزير فلم يجدها إلا بالثمن، فله أن يشتريها، والإثم على بائعها، وهذه صورة بيع وليست بيعاً شرعياً، والعلم عند الله تعالى.