رد التحية في الصلاة
هل يجوز يا شيخنا أن أسلِّم وأنا أدخل المسجد ويرد عليَّ المصلي بالإشارة برفع يده ولو قليلاً؟ هذا الكلام قاله مدرس وأنا أتمنى منك أن تعلمنا ما هي حقيقة هذا الموضوع؟ وجزاك الله خيرا.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فقد أخرج أبو داود والترمذي ـ وصححه ـ وأحمد والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت لبلال: كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين يسلِّمون عليه وهو يصلي؟ قال: يقول هكذا، وبسط كفه} وقد استدل بهذا الحديث من قال من أهل العلم بأن المصلي يرد على من سلَّم بإشارة دون النطق. ومنهم من قال بأنه يرد بعد السلام من الصلاة، وقال قوم: يرد في نفسه، والقول الأول هو الأقرب للدليل.
وأما كيفية الإشارة فقد وردت في مسند الإمام أحمد من حديث صهيب رضي الله عنه قال { مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلَّمت فرد عليَّ إشارة} قال الراوي: لا أعلمه إلا قال {إشارة بأصبعه} وفي حديث ابن عمر في وصفه لرده صلى الله عليه وسلم على الأنصار {أنه قال هكذا} وبسط جعفر بن عون ـ الراوي عن ابن عمر ـ كفه وجعل بطنه أسفل، وجعل ظهره إلى فوق} قال الصنعاني رحمه الله تعالى: فتحصَّل من هذا أنه يجيب المصلي بالإشارة إما برأسه، لحديث ابن مسعود عند البيهقي بلفظ {فأومأ برأسه} أو بيده، أو بأصبعه، والظاهر أنه ـ يعني الرد ـ واجب؛ لأن الرد بالقول واجب؛ وقد تعذَّر في الصلاة؛ فبقي الرد بأي ممكن؛ وقد أمكن بالإشارة، وجعله الشارع رداً، وسماه الصحابة رداً، ودخل تحت قوله تعالى )أو ردوها(ا.هـ.
وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه في الصحيحين {سلَّمنا عليه فلم يرد علينا} فقد قال الشوكاني رحمه الله تعالى: ينبغي أن يحمل الرد المنفي ههنا على الرد بالكلام لا الرد بالإشارة لأن ابن مسعود نفسه قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رد عليه بالإشارة، ولو لم ترد عنه هذه الرواية لكان الواجب هو ذلك؛ جمعاً بين الأحاديث.ا.هـ والعلم عند الله تعالى.