حكم هذه الشراكة
اتفق شخصان على الدخول في عمل تجاري يقوم الأول فيه والذي يملك وديعة استثمارية بالدولار بجعلها ضماناً لفتح خطاب اعتماد مؤجل لمدة سنة، مع العلم بأن الوديعة ستأخذ فائدتها من البنك كاملة، على أن يقوم الطرف الثاني باستيراد بضائع والتجارة بها ثم اقتسام الأرباح بنسبة معينة بينهم، بعد نهاية المدة المحددة وهي عام كامل قام الطرف الثاني بتسديد قيمة خطاب الاعتماد، وتم فك الوديعة الدولارية الاستثمارية، والتي تم حجزها ضماناً لخطاب الاعتماد، وتصفية العملية التجارية وكانت النتيجة الخسارة والتي تحملها الطرف الثاني كاملة؛ طالب الطرف الأول وهو صاحب الوديعة الطرف الثاني بان يدفع له قيمة الفرق في انخفاض سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية؛ مع العلم بأن الاتفاق تم على قيمة المبلغ بالدولار وليس العملة المحلية. وبرر الطرف الأول ذلك بأن مبلغ الوديعة فقد قيمته نتيجة انخفاض سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية، مع العلم بأن الوديعة قد أخذت أرباحها من البنك بنسبة 18%. كما طالب بنسبة الأرباح المتفق عليها كاملة رغم علمه التام بأن الصفقة التجارية تمت خسارتها بسبب عملية احتيال وقعت للطرف الثاني من مجموعة من المحتالين بالسوق.
فهل يحق للطرف الأول صاحب الوديعة بمطالبة الطرف الثاني بالفرق في سعر صرف العملة عن فترة الضمان؟ وهل يجوز له المطالبة بالأرباح المتفق عليها رغم الخسارة؟ وما حكم الشرع في مثل هذا الاتفاق التجاري؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
أولاً: عقد الضمان في الشرع معناه ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون بالتزام ما عليه حالاً أو مآلاً، وهذه الصفة متوفرة في خطاب الضمان المصرفي؛ إذ هو تعهد قطعي مقيد بزمن محدد يصدر من البنك بناءً على طلب العميل، بدفع مبلغ معين لأمر جهة أخرى مستفيدة من هذا العميل، لقاء قيام العميل بالدخول في مناقصة، أو تنفيذ مشروع بأداء حسن، ليكون استيفاء المستفيد من هذا التعهد (خطاب الضمان) متى تأخر أو قصر العميل، في تنفيذ ما التزم به للمستفيد، في مناقصة أو تنفيذ مشروع ونحوهما، ويرجع البنك بعدُ على العميل بما دفعه عنه للمستفيد
ثانياً: ما يقوم به البنك من أخذ عوض على هذا الخطاب لا يجوز شرعاً؛ لأن عقد الضمان من عقود الارتفاق التي مبناها على الإحسان، ومتى ما حصل العوض فيه، وكان للعميل غطاء فإن ذلك يكون من أكل أموال الناس بالباطل، فإن لم يكن للعميل غطاء كان من قبيل القرض الذي جر نفعاً، وهو ربا، وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي عام 1406
أن خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان (والتي يراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته)، سواء أكان بغطاء أم بدونه، أما المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعيه فجائزة شرعاً، مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي، يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهنة الفعلية لأداء ذلك الغطاء.
ثانياً: لا يحق لصاحب الوديعة الدولارية مطالبة شريكه بالأرباح؛ إذ حقيقة المشاركة أن يجتمع الشريك مع شريكه في استحقاق أو تصرف، فهما شركاء في الربح والخسارة معاً، ولا يحق له المطالبة بفرق السعر في العملة، والله تعالى أعلم.