حكم المزاد العلني
ما حكم المزاد العلني؟ وما ضوابطه؟ وهل صحيح أن بردة عرضت في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: أنا أشتريها بكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يزيد؟ وجزاكم الله خيرا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالمزاد العلني ـ وهو المسمى في لساننا بالدلالة ـ من أوجه البيع المشروعة الداخلة في عموم قوله تعالى )وأحل الله البيع وحرم الربا( وقوله تعالى )إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم( وهو جائز بشرط أن لا يكون فيه إضرار بأحد، وأن يكون لدى من يشارك فيه الرغبة الأكيدة في شراء السلعة؛ لا أن يزيد في الثمن من أجل أن يوقع غيره فيها؛ لأن ذلك هو النجش الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله {ولا تناجشوا} وقد حصل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فروى أنس رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا فِي بَيْتِك شَيْءٌ؟ قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ يُلْبَسُ بَعْضُهُ، وَيُبْسَطُ بَعْضُهُ، وَقَعْبٌ يُشْرَبُ فِيهِ الْمَاءُ، قَالَ: آتِنِي بِهِمَا، فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إلَى أَهْلِك، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا، فَأْتِنِي بِهِ، فَأَتَاهُ بِهِ، فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُودًا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَاحْتُطِبَ، وَبِعْ، وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ، وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَاشْتَرى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا، وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَذَا خَيْرٌ لَك مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةَ نُكْتَةً فِي وَجْهِك يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إلَّا لِثَلَاثَةٍ، لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ. رواه أصحاب السنن الأربعة.