تفسير

وأنزل لكم ثمانية أزواج

السؤال عن قوله تعالى في سورة الزمر {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} هل هذا يعني أنها أنزلت من السماء كما أنزل آدم عليه السلام وكما أنزل الحديد؟

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فهذه الأزواج الثمانية المذكورة في سورة الزمر بيَّن ربنا جل جلاله أنواعها في سورة الأنعام في قوله سبحانه {من الإبل اثنين ومن البقر اثنين} وقوله {ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين} وقوله سبحانه {وأنزل} الإنزال حقيقته نقل الجسم من علو إلى سُفل، وهذا هو المعنى المتبادر من ظاهر الآية، ويجوز أن يكون المعنى إنزال أصولها من سفينة نوح، ويطلق مجازاً على تذليل الأمر الصعب؛ كما يقال: نزلوا على حكم فلان؛ فيكون إطلاق الإنزال هنا بمعنى التذليل والتمكين على نحو قوله تعالى {وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس} أي سخرناه للناس، ومن المفسرين من تأول الإنزال في الآية بمعنى الخلق؛ لأن خلقها بأمر التكوين الذي ينزل من حضرة القدس إلى الملائكة.

قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره: أخبر عن الأزواج بالنزول، لأنها تكونت بالنبات والنبات بالماء المنزل، وهذا يسمى التدريج، ومثله قوله تعالى {قد أنزلنا عليكم لباسا} وقيل: أنزل أنشأ وجعل. وقال سعيد بن جبير: خلق. وقيل: إن الله تعالى خلق هذه الأنعام في الجنة ثم أنزلها إلى الأرض، كما قيل في قوله تعالى {وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد} فإن آدم لما هبط إلى الأرض أنزل معه الحديد. وقيل {وأنزل لكم من الأنعام} أي أعطاكم. وقيل: جعل الخلق إنزالاً، لأن الخلق إنما يكون بأمر ينزل من السماء؛ فالمعنى: خلق لكم كذا بأمره النازل.ا.هـ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى