مذيعة متبرجة تستضيف شيخ جليل
أسأل عما تقوم به القنوات التلفزيونية من استضافة علماء أجلاء لهم وزنهم في برامج الفتوى، ويكون مقدِّم البرنامج امرأة وتكون المرأة كاشفة لوجهها وكفيها، وتلبس ذهباً في يديها وتكون مخضبة بالحناء، وكل هذا ظاهر يراه المشاهد والشيخ الجليل الذي أمامها. ما حكم ذلك؟ وهل يجوز الشيخ أن يناظرها من الحين إلى الآخر وهي أمامه بحكم أنه يتلقى الأسئلة منها ويجب علي تساؤلاتها؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فتوهم الخلوة مندفع بمن يكون في استديو التصوير من الحضور رجالاً أو نساءً أو هما معاً؛ يبقى الإشكال كما يظهر من السؤال في كون المذيعة كاشفة وجهها وكفيها، وما عليهما من زينة، ثم في نظر الشيخ أو المشاهد أو كليهما لها؛ أما الوجه والكفان ففيهما الخلاف المعروف بين أهل العلم هل هما عورة أم لا؟ وأما الزينة البادية عليهما ففي قوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قولان معروفان عند أهل التفسير، قال القرطبي رحمه الله في تفسيره الجامع لأحكام القرآن: أمر الله سبحانه وتعالى النساء بألا يبدين زينتهن للناظرين، إلا ما استثناه من الناظرين في باقي الآية حذراً من الافتتان، ثم استثنى، ما يظهر من الزينة، واختلف الناس في قدر ذلك، فقال ابن مسعود: ظاهر الزينة هو الثياب. وزاد ابن جبير الوجه. وقال سعيد بن جبير أيضاً وعطاء والأوزاعي: الوجه والكفان والثياب. وقال ابن عباس وقتادة والمسور بن مخرمة: ظاهر الزينة هو الكحل والسوار والخضاب إلى نصف الذراع والقرطة والفتخ، ونحو هذا فمباح أن تبديه المرأة لكل من دخل عليها من الناس.
وذكر الطبري عن قتادة في معنى نصف الذراع حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر آخر عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر إذا عركت أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى ها هنا} وقبض على نصف الذراع.
قال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن ونحو ذلك.
ويقول رحمه الله تعالى: اختلف في السوار، فقالت عائشة: هي من الزينة الظاهرة لأنه في اليدين. وقال مجاهد: هو من الزينة الباطنة، لأنها خارج عن الكفين وإنما يكون في الذراع.
قال ابن العربي: وأما الخضاب فهو من الزينة الباطنة إذا كان في القدمين.ا.هـــــــ
وأما نظر الرجل إلى المرأة والعكس فإن دعت إليه حاجة ولم تصحبه شهوة فلا حرج فيه، يدل على ذلك ما كان من الصحابة رضي الله عنهم حين قامت امرأة تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظروا إليها حتى وصفوها؛ حيث روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد؛ فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة؛ ثم قام متوكئاً على بلال؛ فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم؛ ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن؛ فقال: تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم؛ فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين؛ فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير. قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن. قال ابن الأثير في النهاية: السُّفْعَة: نوع من السواد ليس بالكثير، وقيل: هو سواد مع لون آخر.ا.هـــــــ والله تعالى أعلم.