زكاة أموال المدين
السلام عليكم ورحمة الله، فضيلة الشيخ: هل تجب الزكاة في الأموال لمن عليه دين؟ نريد القول الراجح في المسألة وما الحكم لو كان الدين مقسطاً على سنوات طويلة؟ وجزاكم الله خيرا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فإذا كان الدين لا يستغرق مال الشخص بل هو في جزء من ماله، وقد بقي له فاضلاً عن الدين ما يستوفي نصاباً فلا خلاف في وجوب الزكاة على من كانت هذه حاله، أما إذا كان الدين مستغرقاً للمال فقد اختلف أهل العلم في وجوب الزكاة على المدين في تلك الحال؛ فذهب الجمهور وهم الحنفية والمالكية والحنابلة إلى عدم وجوب الزكاة على المدين سواء كان الدين حالاً أو مؤجلاً، وذلك لعدم تمام الملك، ومن شروط وجوب الزكاة أن يكون الملك تاما، وذهب الإمام الشافعي رحمه الله إلى أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة، وقد لخص ابن رشد الحفيد في كتابه الفريد (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) سبب اختلافهم في أن الزكاة هل هي عبادة أو حق مرتب في المال للمساكين؟ فمن رأى أنها حق لهم قال: لا زكاة في مال من عليه الدَّين، لأن هذا المال في الحقيقة مال صاحب الدَّين لا الذي المال بيده. ومن قال: هي عبادة قال: تجب على من بيده مال سواء كان عليه دين أو لم يكن؛ لأن وجود المال هو شرط التكليف بإخراج الزكاة. ولأنه تعارض هنالك حقان: حق الله، وحق الآدمي، وحق الله أحق أن يُقضى.ا.ه وقول الجمهور بعدم وجوب الزكاة أوجهُ وأسدُّ – والله أعلم – وذلك أن الزكاة إنما شرعت مواساة لذوي الحاجات، والمدين محتاج إلى المواساة كحاجة الفقير أو أشد؛ إذ الدين قد يعرِّضه للحبس أو ثلم العرض، وفي الحديث «الدين همٌّ بالليل وذلٌ بالنهار» ثم إن هذا المال الذي بيد المدين إنما تجب زكاته على الدائن؛ فلو زكاه المدين لكانت الزكاة فيه مرتين وهو ازدواج ممنوع في الشرع، والله الموفق والمستعان.