خضاب اليدين والرجلين بالحناء للرجال
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وإن كنت قد قلت ذلك فعله سبق لسان، والصحيح أن ذلك في كتاب (تصحيح الفروع) للمرداوي الحنبلي حيث قال ناسباً الكلام لابن مفلح: وَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: فَأَمَّا الْخِضَابُ لِلرَّجُلِ فَيَتَوَجَّهُ إبَاحَتُهُ مع الحاجة، ومع عدمها يَخْرُجُ عَلَى مَسْأَلَةِ تَشَبُّهِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ فِي لباس وغيره, انتهى. وفي موضع آخر قال: فَأَمَّا الْخِضَابُ لِلرَّجُلِ فذكر الشَّيْخُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِيمَا لَا تَشَبُّهَ فيه بِالنِّسَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ وَلَا دَلِيلَ لِلْمَنْعِ وَأَطْلَقَ في الْمُسْتَوْعِبِ له الْخِضَابُ بِالْحِنَّاءِ وقال في مَكَان آخَرَ كَرِهَهُ أَحْمَدُ قال أَحْمَدُ لِأَنَّهُ من الزِّينَةِ
وقال شَيْخُنَا هو بِلَا حَاجَةٍ مُخْتَصٌّ بِالنِّسَاءِ ثُمَّ احْتَجَّ بِلَعْنِ الْمُتَشَبِّهِينَ وَالْمُتَشَبِّهَات وَسَبَقَتْ مَسْأَلَةُ التَّشَبُّهِ عِنْدَ زَكَاةِ الْحُلِيِّ وفي الصَّحِيحَيْنِ عن أَنَسٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ نهي عنه لِلَوْنِهِ لَا لِرِيحِهِ فإن رِيحَ الطِّيبِ له حَسَنٌ وَالْحِنَّاءُ في هذا كَالزَّعْفَرَانِ
وَعَنْ مُفَضَّلِ بن يُونُسَ وهو من الثِّقَاتِ عن الْأَوْزَاعِيُّ عن أبي يَسَارٍ الْقُرَشِيِّ عن ابي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أتى برجل بِرَجُلٍ مَخْضُوبِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فقال ما بَالُ هذا فَقَالُوا يا رَسُولَ اللَّهِ يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إلَى الْبَقِيعِ فَقَالُوا يا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَقْتُلُهُ قال إنِّي نُهِيت عن قَتْلِ الْمُصَلِّينَ أبو يَسَارٍ رَوَى عنه الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ ولم أَجِدْ فيه سِوَى قَوْلِ أبي حَاتِمٍ مَجْهُولٌ فَأَرَادَ مَجْهُولَ الْعَدَالَةِ
وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ في الْعِلَلِ أَنَّ الْمُفَضَّلَ انْفَرَدَ بِوَصْلِهِ وقال أبو مُوسَى حَدِيثٌ مَشْهُورٌ وَلِلطَّبَرَانِيِّ وَنَحْوِهِ بِمَعْنَاهُ من حديث ابي سَعِيدٍ وقد قال الْحَافِظُ عُمَرُ بن بَدْرٍ الْمَوْصِلِيُّ لَا يَصِحُّ في هذا الْبَابِ شَيْءٌ. انتهى الفروع وتصحيح الفروع 3/335 وفي كتاب (الفواكه العديدة في المسائل المفيدة) 1/142: وأما الخضاب للرجال، فقال المصنف والشارح وجماعة: لا بأس، ولا تشبه فيه بالنساء. وأطلق في “المستوعب”: له الخضاب بالحناء وقال في مكان آخر: كرهه أحمد. وقال الشيخ تقي الدين: هو بلا حاجة مختص بالنساء. وظاهر ما ذكره القاضي أنه كالمرأة في الحناء، لأنه ذكر المسألة واحدة، ويباح لحاجة. انتهى.
من كتاب ” البركة” للشافعية: يحرم على الرجل خضاب يديه ورجليه بالحناء، إلا لحاجة، أو قرحة، نص عليه القاضي، والبغوي، والعجلي، والنووي، وغيرهم.
قال في “مغني ذوي الأفهام”: ويكره الخضاب في اليدين والرجلين للرجل من غير حاجة. انتهى. وعلى هامشه: لأنه من التشبه بالنساء، ولحاجة يباح، لأنه عليه الصلاة والسلام كان إذا اشتكى شيئا خضبه بالحناء. انتهى.
والذي تحرر لنا كراهته للرجال بلا حاجة، من تقرير شيخنا. انتهى