تأثير الحجامة على الصيام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، تلميذك شيخ الدين
السؤال عن حديث أفطر الحاجم والمحجوم والأحاديث الأخرى التي تعارضه ظاهراً؟؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فالحجامة سنة ثابتة عن نبينا صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الذي حجمه. ولو كان حراماً لم يعطه} وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الحجامة وأخبر أن فيها شفاء؛ ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم أو شربة من عسل أو لذعة بنار} وروى أبو داود في سننه أنه صلى الله عليه وسلم ما شكا إليه أحد وجعاً في رأسه إلا قال له {احتجم} وقال صلى الله عليه وسلم {خير ما تداويتم به الحجامة} رواه أحمد والبخاري
ومن فعلها استناناً بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو مأجور مثاب، وأما من فعلها لمجرد الاستشفاء فقد أتى أمراً مباحاً؛ لكنه لا يؤجر عليه.
والذي عليه جمهور العلماء – ومنهم أبو حنيفة ومالك والشافعي – إلى أن الحجامة غير مفسدة للصوم؛ استدلالا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم. وقال ابن عباس وعكرمه: الصوم مما دخل وليس مما خرج. وعن أم علقمة قالت: “كنا نحتجم عند عائشة ونحن صيام، وبنو أخي عائشة فلا تنهاهم”.
أما الإمام أحمد فقد ذهب إلى أن الحجامة تفطر، لما رواه في مسنده وكذلك الترمذي في جامعه من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أفطر الحاجم والمحجوم”.
وقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: في تعليقه على حديث: احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم. قال: (قال ابن عبد البر وغيره: فيه دليل على أن حديث “أفطر الحاجم والمحجوم”، منسوخ لأنه جاء في بعض طرقه أن ذلك كان في حجة الوداع، وسبق إلى ذلك الشافعي).
ومن أهل العلم من أوَّلَ: “أفطر الحاجم والمحجوم” بأن المراد تسببا في الفطر، هذا بسبب مصه للدم الذي قد يصل منه شيء إلى حلقه، والآخر بسبب إضعاف نفسه إضعافاً ينشأ عنه اضطراره إلى الفطر.